للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَيْدٌ وَعَمْرٌو، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَذَكَرَ فِي " شَرْحِ الْجُمَلِ " مُحْتَجًّا عَلَى الْقَائِلِينَ بِالتَّرْتِيبِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ، فَكَذَلِكَ غَيْرُهَا. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا قَالَ الْإِمَامُ فِي " الْبُرْهَانِ ": إنَّ الْوَاوَ إذَا دَخَلَتْ فِي الْجُمَلِ فَلَيْسَ لَهَا فَائِدَةٌ إلَّا التَّحْسِينُ اللَّفْظِيُّ.

وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ " بِالْفَاءِ وَثُمَّ فَإِنَّك لَوْ قُلْت: قَامَ زَيْدٌ فَخَرَجَ، أَوْ ثُمَّ خَرَجَ عَمْرٌو، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْمُفْرَدِ وَهُوَ أَنَّ هَذَا يُشْعِرُ بِالتَّعْقِيبِ، وَلَا مُهْلَةَ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِالتَّعْقِيبِ وَالْمُهْلَةِ. إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُفْرَدَاتِ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي إعْرَابٍ بِعَامِلٍ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ.

الثَّانِيَةُ قَالَ ابْنُ أَبِي الرَّبِيعِ: جَالِسْ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ؛ لِأَنَّك أُمِرْت بِمُجَالَسَتِهِمَا مَعًا وَتَقُولُ أَيْضًا هَذَا وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنَّهُمَا جَمِيعًا أَهْلُ الْمُجَالَسَةِ، فَإِنْ أَرَدْت وَجَالِسْ أَحَدَهُمَا لَمْ تَكُنْ عَاصِيًا، وَعَلَى هَذَا أَخَذَ مَالِكٌ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] وَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَوْلُ مَالِكٍ مُمْكِنٌ إنْ عُضِّدَ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>