للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ جَعَلُوهَا لِلتَّبْعِيضِ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ، وَلَمْ يَجْعَلُوهَا لِلتَّبْعِيضِ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: ٦] وَفَرَّقُوا بِأَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ بَدَلٌ، وَلِلْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ، فَقِيلَ لَهُمْ: إنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأَصْلِ فِي الْإِجْزَاءِ فَتُحْكَمُ وَلَا يُفِيدُكُمْ فِي الْفَرْقِ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ صُورَةَ الْبَدَلِ لِصُورَةِ أَصْلِهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَهُوَ فِي عُضْوَيْنِ وَالْوُضُوءُ فِي أَرْبَعَةٍ، وَبِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِيعَابُ. أَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الْخُفَّ وَلِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى التَّخْفِيفِ حَتَّى جَازَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ. نُكْتَتَانِ فِي الْبَاءِ يَغْلَطُ الْمُصَنِّفُونَ فِيهَا: الْأُولَى أَنَّهُمْ يُدْخِلُونَهَا مَعَ فِعْلِ الْإِبْدَالِ عَلَى الْمَتْرُوكِ فَيَقُولُونَ: لَوْ أُبْدِلَتْ ضَادًا بِطَاءٍ. وَالصَّوَابُ: الْعَكْسُ فَإِذَا قُلْت أَبْدَلْت دِينَارًا بِدِرْهَمٍ فَمَعْنَاهُ اعْتَضْت دِينَارًا عِوَضَ دِرْهَمٍ، فَالدِّينَارُ هُوَ الْحَاصِلُ لَك الْمُعَوِّضُ وَالدِّرْهَمُ هُوَ الْخَارِجُ عَنْك الْمُعَوَّضُ بِهِ، وَهَذَا عَكْسُ مَا فَهِمَهُ النَّاسُ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا جَاءَ كَلَامُ الْعَرَبِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

تَضْحَكُ مِنِّي أُخْتُ ذِي النَّحْيَيْنِ ... أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِلَوْنِ لَوْنَيْنِ

سَوَادِ وَجْهٍ وَبَيَاضِ عَيْنَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>