أَمَرَّ بِبَعْضِهِ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: بِبَعْضِ رَأْسِهِ فَلَوْ كَانَتْ لِلتَّبْعِيضِ لَا يَسْتَوِي ذِكْرُ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ وَهُوَ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ؟ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: الْبَاءُ مَوْضُوعَةٌ لِإِلْصَاقِ الْفِعْلِ بِالْمَفْعُولِ كَقَوْلِك: مَسَحْت يَدَيَّ بِالْمِنْدِيلِ، وَكَتَبْت بِالْقَلَمِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي التَّبْعِيضِ إذَا أَمْكَنَ حَذْفُهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] أَيْ بَعْضِ رُءُوسِكُمْ قَالَ: وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَجَازٌ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ: ظَنَّ ظَانُّونَ أَنَّهُ لِلتَّبْعِيضِ مَصْدَرٌ يَسْتَقِلُّ بِدُونِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِمْ: أَخَذْت زِمَامَ النَّاقَةِ إذَا أَخَذَهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَأَخَذْت بِزِمَامِهَا إذَا أَخَذْت طَرَفَهُ. وَلَيْسَتْ الْبَاءُ لِلتَّبْعِيضِ أَصْلًا، وَهَذَا خَطَأٌ فِي أَخْذِ الزِّمَامِ، وَلَكِنْ مِنْ الْمَصَادِرِ مَا يَقْبَلُ الصِّلَاتِ كَقَوْلِهِمْ: شَكَرْت لَهُ وَنَصَحْت لَهُ، وَأَمَّا التَّبْعِيضُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْحِ مَأْخُوذٌ مِنْ صِفَةِ الْمَصْدَرِ فَمَصْدَرُ الْمَسْحِ لَا يَصِيرُ إلَى الِاسْتِيعَابِ كَمَصْدَرِ الضَّرْبِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ. انْتَهَى. قِيلَ: وَمِمَّا يَقْطَعُ النِّزَاعَ فِي كَوْنِهَا لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لِامْتِنَاعِ دُخُولِهَا عَلَى بَعْضٍ لِلتَّكْرَارِ وَالتَّأْكِيدِ فِيمَا دَخَلَتْهُ بِكُلٍّ لِلتَّنَاقُضِ، فَكَانَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ: مَسَحْت بِبَعْضِ رَأْسِي؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ بَعْضِ بَعْضِ رَأْسِي، وَلَا أَنْ تَقُولَ: مَسَحْت بِرَأْسِي كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلتَّبْعِيضِ، وَكُلٌّ لِتَأْكِيدِ الْجَمْعِ، وَجَمْعُهُمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ تَنَاقُضٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute