الثَّالِثُ: تَحْصِيرُ " أَنْ " بِمَعْنَى الْحُدُوثِ دُونَ احْتِمَالِ مَعْنًى زَائِدٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّ قَوْلَك: كَرِهْت قِيَامَك قَدْ يَكُونُ لِصِفَةٍ فِي ذَلِكَ الْقِيَامِ، وَقَوْلُك: كَرِهْت أَنْ قُمْت يَقْتَضِي أَنَّك كَرِهْت نَفْسَ الْقِيَامِ. الرَّابِعُ: امْتِنَاعُ الْإِخْبَارِ عَنْ " أَنْ " وَالْفِعْلِ فِي نَحْوِ قَوْلِك: أَنْ قُمْت خَيْرٌ مِنْ أَنْ قَعَدْت بِخِلَافِ الْمَصْدَرِ. قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ. الْخَامِسُ: " أَنْ " وَالْفِعْلُ يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ بِخِلَافِ الْمَصْدَرِ، قَالَهُ صَاحِبُ " الْبَسِيطِ " مِنْ النُّحَاةِ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَإِنَّمَا قَالَ صَاحِبُ " الْبَسِيطِ " ذَلِكَ فِي " أَنَّ " الْمُشَدَّدَةَ لَا الْمُخَفَّفَةَ، فَفُرِّقَ بَيْنَ عَجِبْت مِنْ انْطِلَاقِك وَعَجِبْت مِنْ أَنَّك مُنْطَلِقٌ بِمَا ذُكِرَ. ثُمَّ مَا قَالَهُ فِي الْمَصْدَرِ يُخَالِفُ قَوْلَ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الظِّهَارِ فِي مَسْأَلَةِ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، وَلَمْ يَكُنْ ظِهَارٌ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ ظِهَارٌ لِإِقْرَارِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: " أَنْ " مَعَ الْفِعْلِ تُعْطِي اسْتِئْنَافًا لَيْسَ فِي الْمَصْدَرِ فِي أَغْلَبِ أَمْرِهَا. وَقَدْ تَجِيءُ فِي مَوَاضِعَ لَا يُلَاحَظُ فِيهَا الزَّمَانُ، وَتَفْتَرِقَانِ فِي الْأَحْكَامِ فِي أُمُورٍ مِنْهَا: أَنَّهُ لَا يُؤَكَّدُ بِأَنْ وَالْفِعْلِ بِخِلَافِ الْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّهُ مُبْهَمٌ، وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ فَكَانَ الْمَصْدَرُ الْمُصَرَّحُ بِهِ أَشْيَاءَ بِمَا أَكَّدَ، فَقَالَ: ضَرَبْت زَيْدًا ضَرْبًا، وَلَا تَقُولُ: ضَرَبْت زَيْدًا أَنْ ضَرَبْت.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَصْدَرَ الصَّرِيحَ قَدْ يَقَعُ حَالًا، وَقَدْ لَا يَقَعُ، وَ " أَنْ " وَالْفِعْلُ الْمُنْسَبِكُ مِنْهُمَا الْمَصْدَرُ لَا يَقَعُ حَالًا أَلْبَتَّةَ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ مَنَابَ الْمَفْعُولَيْنِ فِي بَابِ ظَنَنْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute