من جملة الأمور التي يذكرني بها سؤال الأخ إبراهيم السائل آنفاً الذي سمعته من بعض أولئك الذين كانوا من جماعة التكفير ثم هداهم الله عز وجل، قلنا لهم: ها أنتم كفرتم بعض الحكام، فما بالكم تكفرون مثلاً أئمة المساجد، خطباء المساجد، مؤذني المساجد، خدمة المساجد، ما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس الثانوية مثلاً أو الجامعات؟ قال: الجواب لأن هؤلاء رضوا بحكم هؤلاء الحكام الذين يحكمون بما أنزل الله.
يا جماعة هذا الرضا إن كان رضاً قلبيا بالحكم بغير ما أنزل الله، حينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي، فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يرى أن هذا الحكم هو الحكم اللائق بتبنيه في هذا العصر وأنه لا يليق تبني الحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسنة، لا شك أن هذا يكون كفره كفراً اعتقادياً، وليس كفراً عملياً، ومن رضي بمثل هذا الحكم أيضاً فيلحق به، فأنتم أولاً لا تستطيعون أن تحكموا على كل حاكم يحكم ببعض القوانين الغربية الكافرة أو بكثير منها أنه لو سئل لأجاب بأن الحكم بهذه القوانين هو اللازم في العصر الحاضر، وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام، لو سئلوا لا تستطيعون أن تقولوا بأنهم لا يجبيون بأن الحكم بما أنزل الله اليوم لا يليق، وإلا صاروا كفاراً دون شك ولا ريب، فإذا نزلنا إلى المحكومين وفيهم العلماء وفيهم الصالحون .. وإلى آخره، كيف أنتم مجرد أن ترونهم يعيشون تحت حكم يشملهم كما يشملكم أنتم تماماً، لكنكم تعلنون أنكم كفار، وهؤلاء لا يعلنون أنهم كفار بمعنى المرتدين، لكنهم يقولون إن الحكم بما أنزل الله هو الواجب، وأن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل هذا لا يستلزم الحكم على هذا العالم بأنه مرتد عن دينه.