للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن هذا الحديث قد جاء بإسناد قوي موقوفاً على ابن عمر، حينئذ لو صرفنا النظر عن السند الأول المرفوع عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، لو صرفنا النظر عنه بالكلية، ووقفنا عند حديثه الموقوف الثابت عنه لم نخسر شيئاً؛ لأن هذا الحديث الموقوف على ابن عمر يغنينا عن ذاك الحديث المرفوع الضعيف إسناده، كيف كان هذا الحديث الموقوف في حكم المرفوع؛ لأنه يقول: «أحلت لنا ميتتان» فمن الذي يحلل ويحرم، إنما هو الله تبارك وتعالى تارة في كتابه، وتارة في سنة نبيه صلى الله عليه وآله سلم، وعلى ذلك قال أهل العلم بالحديث: إذا قال الصحابي من السنة كذا، فهو في حكم المرفوع، بخلاف ما إذا قال التابعي: من السنة كذا، فليس له حكم المرفوع.

هذا مثال للحديث الموقوف الذي هو في حكم المرفوع، وصدق فيه أنه لا يقال بمجرد الرأي والاجتهاد.

مثال آخر وهو أدق وأبعد عن أن يكون من موارد الاجتهاد، ذاك هو حديث ابن عباس الموقوف أيضاً عليه والذي قال: «نزل القرآن إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل أنجماً حسب الحوادث» فهذا حديث موقوف، ولم نجده مرفوعاً إطلاقاً، جاء بالسند الصحيح عن ابن عباس موقوفاً عليه، فقال العلماء: إن هذا الحديث في حكم المرفوع؛ لأنه يتحدث عن أمر غيبي، وهو أنه يقول: نزل كلام الله القرآن الكريم جملة واحدة إلى السماء الدنيا، وهذا لا يستطيع العقل البشري أن يتحدث به إلا من إنسان لا يبالي ما يخرج من فيه، أما ابن عباس وهو صحابي جليل ابن صحابي ابن عم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فلا يخطر في بال إنسان أن يتحدث رجل بالغيب.

فإذاً: قوله أن القرآن نزل جملة واحدة .. إلى آخر الحديث، فيه من الدقائق ما

<<  <  ج: ص:  >  >>