والآيات كلها إنما أنزلت لتُعقل وتُفهم عن الله عز وجل فإن كانت متعلقة بالعقيدة تبناها عقيدةً وأن كانت متعلقة بالأحكام تبناها وعمل بها.
إذاً إذا كانت الآيات المتعلقة بصفة الله عز وجل لا تفهم فإذاً نحن لا ندري عن ربنا شيئاً إلا أن له وجوداً, وعلى هذا هناك صفات مجمع عليها بين العلماء حتى علماء الخلف مثلاً:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}(الشورى:١١).
هل نفهم من السميع أن نُفَوِّض فنقول: لا ندري ما هي صفة السمع البصير لا ندري ما هي صفة البصر والقدير والحكيم والعليم إلى آخره معنى ذلك التفويض المزعوم أننا لا نفهم شيئاً من هذه الصفات, إذاً آمنا برب موجود لكن لا نعرف له صفة من الصفات وحينئذٍ كفرنا برب العباد حينما أنكرنا الصفات بزعم التفويض, هذا هو الذي يرد أولاً على أولئك المفوضة زعموا.
الشيء الثاني: إذا قال الإمام أحمد أو غيره أمروها كما جاءت تُرى قبل الإمام أحمد إمام دار الهجرة وهو الإمام مالك رحمه الله تعالى هل كان على هذا المذهب حينما جاءه ذاك السائل فقال له: يا مالك يا مالك {الرحمن على العرش استوى}، كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم فالاستواء معلوم لا يعني الاستواء مفوض معناه لا قال الاستواء معلوم، وهو العلو، ولكن الكيف مجهول، وهذا هو مذهب السلف, ولذلك تمام كلام الإمام مالك رحمه الله أن قال: أخرجوا الرجل فإنه مبتدع لم يكن هذا الرجل السائل مبتدعاً لأنه سأل عن معنى خفي عليه من قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(طه:٥).
وإنما أخرج وبُدِّع؛ لأنه سأل عن كيفية الاستواء فكان قول الإمام مالك هذا