للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتجد هذه البقرة تأكل من هذا البرسيم المقدار الذي يريده صاحبها، فهي تتحرك، لكن ما تتحرك كما تشاء تتحرك بفوضى كما لو أطلق لها الزمام، وإنما تتحرك حركة نظامية، ولذلك تجد قد شكَّلت دائرة، الفصة أو البرسيم الذي أكتله أصبحت الأرض جرداء تقريباً من الخضار، وما حولها لا يزال الخضار فيه قائماً.

فتشبيه رب العالمين تبارك وتعالى للجبال بالنسبة للأرض كالمراسي للسفينة، والأوتاد بالنسبة للحيوانات هذه أيضاً بالنسبة للأرض كل ذلك لا ينفي عن الأرض حركة مُنَظَّمة بقدرة الله تبارك وتعالى، لذلك قلت: أن هذا الآيات أو بعضها على الأقل هي أقرب إلى الدلالة على أن الأرض تتحرك أقل ما يقال، وأنها ليست ثابتة جامدة كما يتوهم كثير من الناس.

فخلاصة القول: لا يوجد في الشرع أبداً ما ينفي كروية الأرض، ثم كروية الأرض أصبحت اليوم حقيقة علمية ملموسة لمس اليد يعني يتهم الإنسان في عقله أو على الأقل في علمه فيما إذا جحد هذه الحقيقة، لأنك اليوم تستطيع أن ترفع السماعة وتتصل مع صديق لك صادق تقول له: الآن ماذا عندكم نهار أم ليل؟ سيقول لك: عندنا ليل، في الوقت الذي يًؤذَّن عندنا مثلاً لأذان المغرب يُؤذِّن عندهم لصلاة الفجر أو يكون قد طلعت الشمس، وهذا لا يمكن تصوره أبداً إلا كما يقول العلم هذا التجربة أن هذا ينتج بسبب أن الأرض تدور حول الشمس دائرة كاملة ينتج من وراءها الليل والنهار، ثم أدق من ذلك حصول الفصول الأربعة بسبب ابتعاد الأرض عن الشمس واقترابها، وهذا له تفصيله في علم الفلك في علم الجغرافيا لسنا في صدده، لكن الشاهد أنه لا يمكن أن تحصل هذه الأمور الواضحة إلا والأرض أولاً كروية، وإذا سُلِّم بكرويتها فلا يمكن أن يقال بأنها

<<  <  ج: ص:  >  >>