للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك فنحن نرد على كل من الفريقين المعتزلة وخصومهم الجبرية، جواب يشمل الفريقين معاً، ثم نعود على الجبرية بتفصيل لا يحتاجه المعتزلة، إنهم معنا في أن العلم الإلهي يعرف الوقائع على حقائقها الجلية، ونحن نعلم من واقع المكلفين أن أعمالهم وحياتهم فيها ما هم مختارون ضرورة، وما هم مجبورون أيضاً.

نبدأ بعمل القلب، عمل القلب مجبورون فيه؛ لأنه من خلق الله الذي ليس للبشر فيه خيرة، ولذلك إذا شاء الله عز وجل عطل هذه الحركة بإماتة صاحبها.

كذلك نقول في كون زيد من الناس طويلاً وآخر قصير بليداً نحيلاً وو ... إلى آخر ما هنالك.

هنا يصدق قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (القصص:٦٨).

لكن هناك أمور أخرى تتعلق بهذا الإنسان المجبور من هذه الزاوية، هناك أمور أخرى تصدر منه باختياره، فالآن أنا أتكلم، وأنتم تصغون وأحياناً تتكلمون أيضاً معنا، هل أنتم يا معشر المعتزلة الجبرية لهم خطاب آخر قلنا آنفاً، أنتم معشر المعتزلة تقولون أننا نحن الآن في هذا الكلام مختارون أم مجبرون؟ سيكون من قولهم: مختارون، طيب في الحال الأولى أو الأمثلة الأخرى: مختارون أم مجبورون؟ يعني: في كون حركات القلب، وهذا إنسان طويل وآخر قصير، وأبيض وأسمر وأسود إلى آخره، مختارون أم مجبورون؟ ما يستطيعون أن يقولوا مختارون.

إذاً: هذا الواقع بقسميه بصورتيه سبق في علم الله عز وجل، سبق في علم الله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>