قلت: وهي عند أحمد بنحوها من طريق أخرى، وإسنادها لا بأس به في المتابعات، ولها شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ البزار. أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير)(ص ١٨٣) ورجاله موثقون.
الثالث: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كنت نهتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجرا». أخرجه الحاكم (١/ ٣٧٦) بسند حسن، ثم رواه (١/ ٣٧٥،٣٧٦) وأحمد (٣/ ٢٣٧،٢٥٠) من طريق أخرى عنه بنحوه، وفيه ضعف. وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه، وسيأتي.
- والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور، لوجوه:
الأول: عموم قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - « .. فزوروا القبور» فيدخل فيه النساء، وبيانه: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما نهى عن زيارة القبور في أول الأمر. فلا شك أن النهي كان شاملا للرجال والنساء معا، فلما قال:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور» كان مفهوما أنه كان يعني الجنسين ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول الأمر من نهي الجنسين، فإذا كان الأمر كذلك، كان لزاما أن الخطاب في الجملة الثانية من الحديث وهو قوله:«فزوروها» إنما أراد به الجنسين أيضا. ويؤيده أن الخطاب في بقية الأفعال المذكورة في زيادة مسلم في حديث بريدة المتقدم آنفاً:«ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الاسقية كلها ولا تشربوا مسكراً»، أقول: فالخطاب في جميع هذه الأفعال موجه إلى الجنسين قطعا، كما هو الشأن في الخطاب الأول:«كنت: نهيتكم»، فإذا قيل بأن الخطاب في قوله:«فزوروها» خاص بالرجال، اختل نظام