يصلون في بيوتهم وهي القبور، قال: فأما جواز الصلاة في المقابر أو المنع منه فليس في الحديث ما يؤخذ منه ذلك، قلت: إن أراد أنه لا يؤخذ منه بطريق المنطوق فمسلم، وإن أراد نفي ذلك مطلقاً فلا، فقد قدمنا وجه استنباطه، وقد نقل ابن المنذر عن أكثر أهل العلم أنهم استدلوا بهذا الحديث على أن المقبرة ليست بموضع للصلاة. وكذا قال البغوي في «شرح السنة» والخطابي.
قلت: وهذا هو الأرجح أن الحديث يدل على أن المقبرة ليست موضعاً للصلاة، لا سيما بلفظ أبي هريرة فهو أصرح في الدلالة، وقول الإسماعيلي: يدل على كراهة الصلاة في القبر لا في المقابر، مع مخالفته الصريحة لحديث أبي هريرة، فلا يحسن حمل حديث ابن عمر عليه؛ لأن الصلاة في القبر غير ممكنة عادةً، فكيف يحمل كلام الشارع عليه؟! وقول ابن التين:(هو من شراح «صحيح البخاري» واسمه عبد الواحد)«الموتى لا يصلون».ليس بصحيح، لأنه لم يرد نص في الشرع بنفي ذلك، وهو من الأمور الغيبية التي لا ينبغي البت فيها إلا بنص، وذلك مفقود، بل قد جاء ما يبطل إطلاق القول به، وهو صلاة موسى عليه الصلاة والسلام في قبره كما رآه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليلة أسري به على ما رواه مسلم في «صحيحه»، وكذلك صلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مقتدين به في تلك الليلة كما ثبت في «الصحيح» بل ثبت عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال:«الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون».
أخرجه أبو يعلى بإسناد جيد، وقد خرجته في «الأحاديث الصحيحة»(٦٢٢).بل قد جاء عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - ما هو أعم مما ذكرنا، وذلك في حديث أبي هريرة في سؤال الملكين للمؤمن في القبر: «فيقال له اجلس، فيجلس قد مثلت له الشمس وقد آذنت للغروب، فيقال له: أرأيتك هذا الذي كان فيكم ما تقول فيه؟ وماذا