بدليل إيقادهم إياها والشمس طالعة في رابعة النهار! فكان من أجل ذلك
بدعة ضلالة.
فإن قيل: فلماذا لم تستدل بالحديث المشهور الذي رواه أصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس: «لعن الله زائرات القبور، والمتخذين عليها
المساجد والسرج».
وجوابي عليه: أن هذا الحديث مع شهرته ضعيف الإسناد، لا تقوم به حجة، وإن تساهل كثير من المصنفين فأوردوه في هذا الباب وسكتوا عن علته، كما فعل ابن حجر في «الزواجر»، ومن قبله العلامة ابن القيم في «زاد المعاد»، واغتر به جماهير السلفيين وأهل الحديث فاحتجوا به في كتبهم ورسائلهم ومحاضراتهم، وقد كنت انتقدت ابن القيم من أجل ذلك فيما كنت علقته على كتابه، وبينت علة الحديث مفصلا هناك، ثم في «سلسلة الأحاديث الضعيفة»(رقم ٢٢٣)، ثم رأيث ابن القيم في «تهذيب السنن»(٤/ ٣٤٢) نقل عن عبد الحق الإشبيلي أن في سند الحديث باذام صاحب الكلبي وهو عندهم ضعيف جداً، وأقره ابن القيم، فالحمد لله على توفيقه.
وأما الجملة الأولى من الحديث فصحيحة لها شاهدان من حديث أبي هريرة وحسان بن ثابت أوردتهما في المسألة (١١٩ ص ١٨٥،١٨٦).
وأما الجملة الثانية فهي صحيحة أيضا متواترة المعنى، وقد ذكرت في هذا الفصل في المسألة السابعة سبعة أحاديث صحيحة تشهد لها.