للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَعَجُّبَهُمْ مِنْ حَالِهِ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: (إِنْ شِئْتَ تَنَجَّيْتَ) أَيْ: إِنْ كُنْتَ تَخْشَى وُقُوعَ فِتْنَةٍ أَوْ شُبْهِةٍ فَاسْكُنْ مَكَانًا قَرِيبًا مِنَ المَدِينَةِ، فَنَزَلَ الرَّبْذَةَ، ثُمَّ قَالَ: (وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ)، أَخْبَرَ أَنَّ طَاعَةَ الخُلَفَاءِ وَالأُمَرَاءِ وَاجِبَةٌ، حَتَّى لَوْ أَمَّرَ الخَلِيفَةُ حَبَشِيًا كَانَ [عَلَى] (١) الرَّعِيَّةِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ.

* * *

* وَقَالَ فِي حَدِيثِ الأَحْنَفِ بن قَيْسٍ: (جَلَسْتُ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ، حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ، ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا أُرَى الْقَوْمَ إِلَّا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ. قَالَ: إِنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا؟ قَالَ لِي خَلِيلِي قَالَ: قُلْتُ: وَمَنْ خَلِيلُكَ؟ [قَالَ: النَّبِيُّ ] (٢): (يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا؟) قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحْدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ) وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا لَا وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينِ حَتَّى أَلْقَى الله) (٣).

قَوْلُهُ: (إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ.


(١) زيادة يَقْتَضِيها سِيَاقُ الكَلام.
(٢) سَاقِطة منَ المُخْطُوطِ، والاسْتِدْرَاكُ مِنْ لَفْظِ الحَدِيثِ.
(٣) حديث (رقم: ١٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>