للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَمَى وَاقِدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرَو مِنَ الحَضْرَمِي بِسَهُمٍ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَأْسَرَ عُثْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ وَالحَكَمَ بنَ كَيْسَانَ، فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَحْشٍ وَأَصْحَابُهُ بِالعِيرِ وَالأَسِيرَيْنِ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ المَدِينَةَ.

فَقَالَتْ قُرَيْسٌ: قَدِ اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ الشَّهْرَ الحَرَامَ، فَسَفَكُوا فِيهِ الدَّمَ، وَأَخَذُوا فِيهِ الْمَالَ، وَأَسَرُوا فِيهِ الرِّجَالَ.

وَتَفَاءَلَ بِذَلِكَ يَهُودُ، وَقَالَتْ: عَمْرُو بنُ الحَضْرَمِيِّ قَتَلَهُ وَاقِدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَمْرُو عَمَرْتَ الحَرْبَ، الحَضْرَمِيُّ حَضَرْتَ الحَرْبَ، وَاقِدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْتَ الحَرْبَ (١).

فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللهُ ﷿ عَلَى رَسُولِهِ : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ (٢).

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ سَمِعَ بِأَبِي سُفْيَانَ بن حَرْبٍ مُقْبِلًا مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ عَظِيمَةٍ، فِيهَا أَمْوَالُ قُرَيْشٍ، وَتِجَارَةٌ مِنْ تِجَارَتِهِمْ، وَفِيهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، مِنْهُمْ: مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ المُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ، فَانْتَدَبَ النَّاسُ، فَخَفَّ بَعْضٌ، وَثَقُلَ بَعْضٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ يَلْقَى حَرْبًا، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ دَنَا مِنَ الحِجَازِ تَحَسَّسَ الأَخْبَارَ، حَتَّى أَصَابَ خَبَرًا مِنْ بَعْضِ الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدِ اسْتَنْفَرَ أَصْحَابَهُ لَكَ وَلِغَيْرِكَ، فَاسْتَأْجَرَ عِنْدَ ذَلِكَ ضَمْضَمَ بنَ عَمْرٍو الغِفَارِيَّ، فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ


(١) ينظر: المصدر السابق (٣/ ١٤٨ - ١٤٩)، والمبعث والمغازي للشَّارح قوام السُّنَّة (١/ ٢٧٧).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>