للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّأْوِيلِ لَا تَتَضَادُّ الأَخْبَارُ" (١).

- المِثَالُ الثَّانِي: ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ، حَيْثُ يَقُولُ : "اخْتَلَفَتِ الأَحَادِيثُ فِي التَّنَقُّلِ قَبْلَ الظُّهْرِ، فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّهُ رَكَعَ أَرْبَعًا … " ثُمَّ قَالَ: "وَكِلَا الخَبَرَيْنِ صَحِيحٌ، فَمَنْ رَوَى أَرْبَعًا رَآهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْوَالِهِ، وَرَآهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ، وَكُلٌّ حَسَنٌ" (٢).

فَحَمَلَ هَذَا الاخْتِلَافَ الظَّاهِرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَلَى سُنَّةِ التَّنَوُّعِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا مَرَّةً، وَذَاكَ مَرَّةً، وَلَا شَكَ أَنَّ إِعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ مَعًا أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِ أَحَدِهِمَا.

- المِثَالُ الثَّالِثُ: فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ، عِنْدَ حَدِيثِهِ عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى، قَالَ: : "وَلَيْسَ فِي قَوْلِ مَنْ نَفَى صَلَاةَ الضُّحَى، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ : (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ يُسَبِّحُ سُبْحَةَ الضُّحَى) حُجَّةٌ، لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِمَا عَلِمَتْ وَصَدَقَتْ، وَأَخْبَرَ غَيْرُهَا بِمَا عَلِمَ فَصَدَقَ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمُضَادٍّ لِمَا خَالَفَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أُصَلِّهَا وَلَا أُصَلِّيهَا، وَإِذَا أَمْكَنَ الجَمْعُ بَيْنَ أَحَادِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا، فَيُحْمَلُ قَوْلُهَا: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ يُسَبِّحُ سُبْحَةَ الضُّحَى)، يَعْنِي: مُوَاظِبًا عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيهَا بِحَيْثُ لَا تَرَاهُ، وَكَانَ مَذْهَبُ السَّلَفِ الاسْتِثَارَ بِهَا، وَتَرْكَ إِظْهَارِهَا لِلْعَامَّةِ لِئَلَّا يَرَوْهَا وَاجِبةً" (٣).


(١) ينظر: (٢/ ٢٨٢) من قسم التحقيق، وينظر هناك تخريج الأحاديث الواردة في هذا الكلام.
(٢) ينظر: (٣/ ١٧٤) من قسم التحقيق.
(٣) ينظر: (٣/ ١٧٢) من قسم التحقيق، وينظر تخريج هذه الأحاديث هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>