للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالوَاقِعُ أَنَّ هَذَا الْمَقَامَ لَا يَجْمُلُ وَلَا يَلِيقُ بِهَذَا الإِمَامِ الفَذِّ قِوَامِ السُّنَّةِ أَبِي القَاسِمِ التَّيْمِيُّ وَهُوَ الوَاسِعُ الاطِّلاع، البَلِيعُ العِبَارَةِ، المُتَضَلِّعُ فِي عُلُومِ الشَّرِيعَةِ - فَلَا يُعْجِرُهُ أَنْ يُعَبِّرَ عَمَّا يُرِيدُ بِأَبْلَغ عِبَارَةٍ، وَأَجْلَى بَيَانٍ، فَهُوَ أَجَلُّ وَأَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُرْمَى بِالسَّرِقَاتِ العِلْمِيَّةِ وَالأَدَبِيَّةِ.

وَمِنْ نَافِلَةِ القَوْلِ إِنَّ إِمَامَنَا قِوَامَ السُّنَّةِ التَّيْمِيَّ يَتَفَرَّدْ بِهَذَا الصَّنِيعِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، فَهَذَا الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ نَفْسُهُ يُقِرُّ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ بِأَنَّ هَذَا المَسْلَكَ انْتَهَجَهُ جَمْعُ مِنْ نُظَرَاءِ التَّيْمِيِّ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ وَالعِلْمِ وَالسَّدَادِ، كَأَبِي يَعْلَى، وَالبَغَوِيِّ، بَلْ نَسَبَ هَذَا أَيْضًا إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ مَشَايِخِهِ، وَهُمَا: سِرَاجُ الدِّينِ البُلْقِينِيُّ (ت: ٨٠٥ هـ) ، وَابْنُ المُلَقِّنِ (ت: ٨٠٤ هـ) (١)، فَهَلْ يَسْتَقِيمُ أَنْ يُتَّهَمَ هَؤُلَاءِ الأَعْلَامُ مَثَلًا بِالسَّرِقَةِ؟!! أَوْ يُنْسَبُوا إِلَى السَّطْوِ عَلَى كُتُبِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ؟!

ثُمَّ إِنَّ ابْنَ حَجَرٍ يَنْقُلُ مِثْلَ هَذَا الصَّنِيعَ عَنْ كِتَابِ "عُمْدَةُ القَارِي" لِلْحَافِظِ بَدْرِ الدِّينِ العَيْنِيُّ (ت: ٨٥٥ هـ) ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ شَرْحِهِ المُسَمَّى "فَتْحُ البَارِي"، وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابَ: "انْتِقَاصُ الاعْتِرَاضِ" فِي كَشْفِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ العَيْنِيُّ دُونَ عَزْوٍ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَطٌّ مِنْ قَدْرِ العَيْنِيِّ ، وَلَا تَنْقِيصٌ مِنْ كِتَابِهِ: "عُمْدَةُ القَارِي".


= التاسع، السنة الثانية (١٤١٤ هـ) بعنوان: من مناهج أهل العلم في التأليف: "توثيق النصوص وطرائق النقل".
(١) ينظر: الجواهر والدرر للسخاوي (١/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>