وَقَوْلُ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ ﵀ السَّابِقُ لَيْسَ تَنْقِيصًا مِنْ كِتَابِ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ التَّيْمِيِّ ﵀، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جَعْلِهِ كِتَابَ التَّيْمِيِّ ﵀ هَذَا أَحَدَ مَوَارِدِهِ فِي شَرْحِهِ: "فَتْحُ البَارِي"، وَنَقْلِهِ عَنْهُ فِي عَشَرَاتِ المَوَاطِنِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الإِشَارَةُ إِلَيْهِ سَابِقًا عِنْدَ الكَلَامِ عَنْ قِيمَةِ الكِتَابِ العِلْمِيَّةِ.
ثُمَّ إِنَّ الإِمَامَ قِوَامَ السُّنَّةِ ﵀ قَدْ أَكْثَرَ مِنَ النَّقْلِ عَنْ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ الأَئِمَّةِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ مَوَارِدِهِ ﵀ فِي كِتَابِهِ هَذَا، وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي مُنَاسَبَاتٍ عَدِيدَةٍ، كَالخَطَّابِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ صَاحِبِ الغَرِيبَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَلِمَ خُصَّ ابْنُ بَطَّالٍ ﵀ وَحْدَهُ دُونَهُمْ؟
وَمُجْمَلُ القَوْلِ: إِنَّ الاقْتِبَاسَ مِنْ كَلَامِ الغَيْرِ، وَاخْتِصَارَهُ سُنَّةٌ مَشْهُورَةٌ بين العُلَمَاءِ، وَهِيَ عَادَةٌ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ المُشْتَغلِينَ بِالعِلْمِ عُمُومًا، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ الصِّدِّيقِ الغُمَارِيُّ الطَّنْجِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ: "المثنوني وَالبَتَّار": "أَنَّ خَلِيلًا الفَقِيهَ المَالِكِيَّ المَشْهُورَ أَلَّفَ مُخْتَصَرَهُ وَجُلُّهُ مِنْ مُخْتَصَرٍ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَلَّفَ ابْنُ الحَاجِبِ مُخْتَصَرَهُ وَجُلُّهُ: "الجَوَاهِرُ" لابْنِ شَاسٍ، وَأَلَّفَ ابْنُ شَاسٍ كِتَابًا جُلُّهُ "تَهْذِيبُ" البَرَاذِعِيِّ، وَكِتَابُ البَرَاذِعِيِّ جُلُّهُ "مُدَوَّنَةُ" سُحْنُونَ، وَكِتَابٌ سُحْنُونَ جُلُّهُ كَلَامُ ابْنِ القَاسِمِ … "ثُمَّ قَالَ ﵀: "لَيْتَ شِعْرِي! لِمَ أَلَّفَ النَّاسُ جَمِيعَ كُتُبِ الفِقْهِ وَجُلُّهَا مَنْقُولٌ عَنِ الأَئِمَّةِ مَعَ زِيَادَاتٍ لِمَا قَالَهُ الأَئِمَّةُ؟! " (١).
وَدُونَكَ هَذَا المَقَالَ الرَّائِعَ، وَالَّذِي يُجَلِّي عَنْ خُلُقٍ إِسْلَامِيٍّ رَفِيعٍ لِعُلَمَاءِ
(١) المثنوني والبتار في نحر العنيد المعثار للشيخ أحمد بن الصِّدِّيقِ الغُمَاري (ص: ٢٨١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute