للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُتَبِ الْفِعْلِ أَوْ رُتَبِ الْفَاعِلِينَ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ فِي الْفَاءِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: ٢٢٦] فَالْفَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: ٢٢٦] إنَّمَا دَخَلَتْ لِتُبَيِّنَ حُكْمَ الْمَوْلَى فِي زَمَنِ التَّرَبُّصِ بِجُمْلَتَيْ الشَّرْطِ بَعْدَهَا لَا لِتَعْقِيبِهَا زَمَنَ التَّرَبُّصِ. وَهَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. قَالَ: وَلَا يُفْصَلُ بِ ثُمَّ، وَالْفَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى تَرْتِيبٌ وُجُودِيٌّ بَلْ تَفْصِيلٌ مَعْنَوِيٌّ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَك: اغْتَسَلَ، فَأَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ لَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ إلَّا الْبَيَانَ لَا التَّرْتِيبَ؟ فَلَوْ قَدَّمْتَ أَوْ أَخَّرْتَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَتَيْتَ بِالْفَاءِ مَوْضِعَ " ثُمَّ " فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ يَحْتَمِلُ التَّرْتِيبَ جَازَ أَنْ يُقْصَدَ التَّرْتِيبُ، وَجَازَ أَنْ يُقْصَدَ التَّفْصِيلُ، نَحْوُ تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ. فَإِنْ أَرَدْتَ التَّرْتِيبَ لَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَإِنْ أَرَدْتَ التَّفْصِيلَ جَازَ. وَإِنَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ ثُمَّ وَالْفَاءُ لِلتَّفْصِيلِ حَمْلًا عَلَى " أَوْ " فِي نَحْوِ قَوْلِك: الْجِسْمُ إمَّا سَاكِنٌ أَوْ مُتَحَرِّكٌ.

الْإِنْسَانُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ ابْنِ بَرِّيٍّ مِنْ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمُبْهَمَ لَا يُوجِبُ التَّرْتِيبَ قَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. الْمَبْحَثُ الثَّانِي: فِي اقْتِضَائِهَا التَّرَاخِيَ، وَكَمَا يُوجِبُ التَّرْتِيبَ يُوجِبُ تَرَاخِيَ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ وَالْمُهْلَةَ بَيْنَهُمَا، وَعَدَمَ الْفَوْرِيَّةِ وَالْمُهْلَةِ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْخَشَّابِ بِامْتِنَاعِ وُقُوعِ مَا بَعْدَهَا جَوَابًا لِلشَّرْطِ، كَمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الْفَاءِ، فَلَا تَقُولُ: إنْ تَقُمْ ثُمَّ أَنَا أَقُومُ كَمَا قُلْت: إنْ تَقُمْ فَأَنَا أَقُومُ وَقَالَ ابْنُ يَعِيشَ: وَلَمَّا تَرَاخَى لَفْظُهَا بِكَثْرَةِ حُرُوفِهَا تَرَاخَى مَعْنَاهَا؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>