أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمَتْهُ مِنْ قَوْلِهِ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» لَكَانَ أَقْرَبَ.
ثَانِيهمَا: أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَ جَمِيعَ أَوْجُهِ الِاعْتِرَاضِ بَلْ قَدْ يَكْتَفِي بِأَحَدِهَا إذَا كَانَ قَوِيًّا ظَاهِرًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِنَادِهِمْ إلَى الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ وَاقْتِصَارِهِمْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ كَوْنِهَا لِلْحَصْرِ. الْخَامِسَةُ: اخْتِيَارُ السَّكَّاكِيِّ وَهُوَ أَقْرَبُهَا: أَنَّا وَجَدْنَا الْعَرَبَ عَامَلَتْهَا فِي الْكَلَامِ مُعَامَلَةَ إلَّا الْمَسْبُوقَةِ بِالنَّفْيِ، وَهِيَ مُفِيدَةٌ لِلْحَصْرِ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: قُمْت وَلَمْ يَقُمْ زَيْدٌ، وَلَا يَقُولُونَ: قَامَ أَنَا، وَلَمْ يَقُمْ زَيْدٌ، فَإِذَا أَدْخَلُوهَا قَالُوا: إنَّمَا قَامَ أَنَا وَلَمْ يَقُمْ زَيْدٌ، كَمَا يَقُولُونَ: مَا قَامَ إلَّا أَنَا، فَأَجْرَوْا الضَّمِيرَ مَعَ إنَّمَا مَجْرَى الْمُضْمَرِ مَعَ إلَّا وَتِلْكَ تُفِيدُ الْحَصْرَ كَقَوْلِهِ: مَا قَطَرَ الْفَارِسَ إلَّا أَنَا. الثَّالِثُ: الْقَائِلُونَ بِالْحَصْرِ قَالَ مُحَقِّقُوهُمْ: هِيَ حَاصِرَةٌ أَبَدًا لَكِنْ يَخْتَلِفُ حَصْرُهَا فَقَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: ١٧١] وَقَدْ يَكُونُ مَجَازِيًّا عَلَى الْمُبَالَغَةِ، نَحْوُ إنَّمَا الشُّجَاعُ عَنْتَرَةُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ قَوْلَهُ: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ} [النحل: ١٠٥] وَقَوْلَهُ: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: ١١٠] مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى التَّوَاضُعِ وَالْإِخْبَاتِ أَيْ: مَا أَنَا إلَّا عَبْدٌ مُتَوَاضِعٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: تَارَةً يَكُونُ مُطْلَقًا، نَحْوُ {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: ١٧١] وَتَارَةً يَكُونُ مَخْصُوصًا بِقَرِينَةٍ، نَحْوُ {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: ٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute