فَإِنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي النِّذَارَةِ {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد: ٣٦] وَلَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَزْرَعَةٌ لِلْآخِرَةِ وَإِنَّمَا الْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ، فَقَوْلُهُ: إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى خِطَابِ الْكُفَّارِ لِنَفْيِ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى إنْزَالِ مَا اقْتَرَحُوهُ مِنْ الْآيَاتِ كَقَوْلِهِ: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ} [المائدة: ٩٩] وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ} [محمد: ٣٦] أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ آثَرَهَا وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهَا لِلْآخِرَةِ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": كَلِمَةُ " إنَّمَا " لِلْحَصْرِ، وَالْحَصْرُ فِيهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِيمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ تَخْصِيصٌ وَلَا تَقْيِيدٌ {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: ١٧١] {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: ٩٨] {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [المائدة: ٥٥] .
وَالثَّانِي: أَنْ يَقَعَ فِيمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ إمَّا فِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ أَوْ فِي جَانِبِ النَّفْيِ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ، وَالْقَرَائِنُ تَرْشُدُ إلَى الْمُرَادِ، وَهُوَ فِي الْعُمَدِ الْكُبْرَى فِي فَهْمِهِ، نَحْوُ {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد: ٣٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute