للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّمَا يُضْمَرُ لِضَرُورَةٍ لِصِحَّةِ الْكَلَامِ أَوْ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ وَلَا دَلَالَةَ لِلَّفْظِ عَلَيْهِ تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت أَوْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت أَوْ سَكَنْت أَوْ لَبِسْت أَوْ اغْتَسَلْت، وَنَوَى شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى التَّخْصِيصَ فِي الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ لَا عُمُومَ لَهُ

قَالَ السُّرُوجِيُّ: قَدْ قَالَ: أَصْحَابُنَا فِي تَخْصِيصِ الْفِعْلِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: إذَا قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك، وَنَوَى الثَّلَاثَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَإِذَا قَالَ: إنْ خَرَجْت، وَنَوَى السَّفَرَ صُدِّقَ، وَإِذَا قَالَ: إنْ سَاكَنْتُك فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَنَوَى أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتٍ مِنْهَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ صُدِّقَ. وَإِذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت، وَنَوَى الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ صُدِّقَ.

قَالَ: وَوَجْهُ خُرُوجِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك، الْمَصْدَرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ، أَيْ افْعَلِي فِعْلَ الطَّلَاقِ، وَالْمَحْذُوفُ لَهُ عُمُومٌ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اللُّغَةِ لَا مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْأَمْرَ طَلَبُ إدْخَالِ الْمَصْدَرِ فِي الْوُجُودِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ طَلَبُ الْفِعْلِ مِنْ الْفَاعِلِ الْمُخَاطَبِ، بِخِلَافِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ، وَهُوَ فِعْلٌ فِيهِ طَلَبُ الْمَصْدَرِ وَإِدْخَالُهُ فِي الْوُجُودِ، فَكَانَ أَدَلَّ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ مُجَرَّدِ الْفِعْلِ كَالْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ. قَالَ: وَبِالتَّخْرِيجِ الثَّانِي أَجَبْت قَاضِيَ الْقُضَاةِ تَقِيَّ الدِّينِ بْنَ رَزِينٍ الشَّافِعِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>