وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي أُصُولِهِ: أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَلِهَذَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ أَقَلَّ مَا يُعْطَى مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ثَلَاثَةً، وَقَالَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ: إنَّ أَقَلَّهُمْ ثَلَاثَةٌ، وَلِأَنَّ الْأَسْمَاءَ دَلَائِلُ عَلَى الْمُسَمَّيَاتِ، وَقَدْ جَعَلُوا لِلْمُفْرَدِ وَالْمُثَنَّى صِيغَةً، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِلْجَمْعِ صِيغَةٌ خِلَافُهُمَا.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي ": إنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، أَيْ أَقَلُّ جَمْعٍ، وَمَنْ جَعَلَ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَيْنِ جَعَلَهُمَا أَقَلَّ الْعُمُومِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَنَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ " وَظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: إنَّ أَقَلَّهُ اثْنَانِ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ عِنْدَهُ الْجَمْعَ الصَّحِيحَ ثَلَاثَةٌ.
وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا الْقَوْلِ، فَهَلْ يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى اثْنَيْنِ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ أَمْ لَا يَصِحُّ أَصْلًا؟ فِيهِ كَلَامٌ. وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى اثْنَيْنِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَفِي ثُبُوتِهِ نَظَرٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا، وَلَمْ يَصِحَّ مَجَازًا مِنْ مَجَازِ التَّعْبِيرِ بِالْكُلِّ عَنْ الْبَعْضِ.
الثَّالِثُ: الْوَقْفُ حَكَاهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ عَنْ الْآمِدِيَّ، وَفِي ثُبُوتِهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْآمِدِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ: وَإِذَا عُرِفَ مَأْخَذُ الْجَمْعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَعَلَى النَّاظِرِ الِاجْتِهَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute