فِي التَّرْجِيحِ وَإِلَّا فَالْوَقْفُ لَازِمٌ، هَذَا كَلَامُهُ، وَمُجَرَّدُ هَذَا لَا يَكْفِي فِي حِكَايَتِهِ مَذْهَبًا.
الرَّابِعُ: أَنَّ أَقَلَّهُ وَاحِدٌ. هَكَذَا حَكَاهُ بَعْضُهُمْ، وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الرَّدَّ إلَى وَاحِدٍ لَيْسَ بِدَعًا، وَلَكِنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الرَّدِّ إلَى اثْنَيْنِ، كَأَنْ تَرَى امْرَأَةً تَبَرَّجَتْ لِرَجُلٍ فَتَقُولَ: أَتَتَبَرَّجِينَ لِلرِّجَالِ؟ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُ الْإِمَامِ حَمْلُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ كَمَا نَقَلَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ عَنْهُ، فَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ، فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَدِلَّةِ: وَقَدْ يَسْتَوِي حُكْمُ التَّثْنِيَةِ وَمَا دُونَهَا بِدَلِيلٍ كَالْمُخَاطِبِ لِلْوَاحِدِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِي قَوْله تَعَالَى: {رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: ٩٩] {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ لِلْوَاحِدِ: افْعَلَا، افْعَلُوا. هَذَا كَلَامُهُ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مَجَازٌ لِاشْتِرَاطِهِ الْقَرِينَةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ. وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: ٢٣] .
وَذَكَرَ ابْنُ فَارِسٍ فِي كِتَابِ فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ صِحَّةَ إطْلَاقِ الْجَمْعِ وَإِرَادَةِ الْوَاحِدِ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: ٣٥] ، وَهُوَ وَاحِدٌ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ} [النمل: ٣٦] وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: ١٠٥] ، الْمُرَادُ بِالْمُرْسَلِينَ نُوحٌ نَحْوُ قَوْلِك:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute