للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ.

وَالثَّانِي اخْتِيَارُ الْآمِدِيَّ.

وَالثَّالِثُ التَّوَقُّفُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآمِدِيَّ آخِرًا لِتَعَارُضِ الْمَحْذُورَيْنِ: كَثْرَةُ الْإِضْمَارِ وَالْإِجْمَالُ إذَا قِيلَ بِإِضْمَارِ حُكْمٍ، وَأَمَّا ابْنُ الْحَاجِبِ، فَإِنَّهُ قَالَ: الْتِزَامُ الْإِجْمَالِ أَقْرَبُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَصْلِ بِتَكْثِيرِ الْإِضْمَارِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] أَنْ تَكُونَ مُجْمَلَةً، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ هُنَاكَ بِمُخَالَفَتِهِ. وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ فِي بَابِ الْمُجْمَلِ بِأَنَّ الْتِزَامَ مَحْذُورِ الْإِضْمَارِ الْكَثِيرِ أَوْلَى مِنْ الْتِزَامِ مَحْذُورِ الْإِجْمَالِ فِي اللَّفْظِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْإِضْمَارَ فِي اللُّغَةِ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا مِنْ اللَّفْظِ الْمُجْمَلِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمَحْظُورَ فِي الْإِضْمَارِ أَقَلُّ مَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ أَكْثَرَ.

الثَّانِي: أَنَّهُ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُودِ الْإِضْمَارِ فِي اللُّغَةِ وَالْقُرْآنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْإِجْمَالِ فِيهِمَا.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا وَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى إضْمَارِ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالشُّحُومِ فِي التَّحْرِيمِ، وَإِلَّا لَمَا أَلْزَمَهُمْ الذَّمُّ بِبَيْعِهَا. هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْمُقَدَّرَاتُ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ فِي الدَّلَالَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُهَا أَعَمَّ مِنْ غَيْرِهِ فَاخْتَارَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إضْمَارُ الْأَعَمِّ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ وَتَكْثِيرِهَا مَعَ انْدِفَاعِ الْمَحْذُورِ الَّذِي هُوَ تَكْثِيرُ الْإِضْمَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>