فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الدِّيَةَ كَامِلَةً كَالرَّجُلِ أَوْ نِصْفُهَا كَالْمَرْأَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُ الرَّاوِي: " قَضَى " تَأْسِيسُ شَرْعٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ تَمْهِيدًا فِي قَضِيَّةٍ، وَلَمْ يَنْقُلْ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالتَّفْصِيلِ فِي قَضِيَّةِ الْجَارِيَتَيْنِ، فَيَضْرِبُ الْعَقْلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُثْبَتَ لَيْسَ بِعَامٍّ فِي أَقْسَامِهِ، ثُمَّ اخْتَارَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» ، «وَقَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» أَنَّهُ يَعُمُّ الْغَرَرُ وَالْجَارُ مُطْلَقًا، وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى هَذَا شَيْخُهُ الْإِبْيَارِيُّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " سُؤَالًا، وَالْآمِدِيَّ بَحْثًا، فَارْتَضَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَقَامَهُ مَذْهَبًا، وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ فِي " الْبَدِيعِ ". وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ ": اخْتَارَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ ابْنَ الْحَاجِبِ - عُمُومَ نَحْوِ «قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» بِنَاءً عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابِيِّ، وَمَعْرِفَتِهِ بِاللُّغَةِ، وَمَوَاقِعِ اللَّفْظِ، مَعَ وُجُوبِ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ عَلَى وَفْقِ السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَعُمُّ، لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي الْمَحْكِيِّ، وَلَا عُمُومَ فِي الْمَحْكِيِّ.
قُلْت: وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَسَبَقَ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمَحْصُولِ ".
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمَحْكِيَّ فِعْلًا لَوْ شُوهِدَ لَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، فَلِذَلِكَ وَجْهٌ، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَوْ حُكِيَ لَكَانَ دَالًّا عَلَى الْعُمُومِ، فَعِبَارَةُ الصَّحَابِيِّ عَنْهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُطَابِقَةً لِلْمَقُولِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعَدَالَتِهِ، وَوُجُوبِ مُطَابَقَةِ الرِّوَايَةِ الْمَعْنَى الْمَسْمُوعَ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute