وَذَكَرَ غَيْرُهُ مَوَاضِعَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ يُؤْخَذُ مِنْهَا ذَلِكَ.
مِنْهَا: أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ؛ خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ وَهُوَ بِئْرُ بُضَاعَةَ، فَقَصَرَهُ عَلَى سَبَبِهِ. وَقَالَ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ: أَمَّا حَدِيثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ، فَإِنَّ بِئْرَ بُضَاعَةَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَاسِعَةٌ، كَانَ يُطْرَحُ فِيهَا مِنْ الْأَنْجَاسِ مَا لَا يُغَيِّرُ لَهَا لَوْنًا وَلَا طَعْمًا وَلَا رِيحًا، فَقِيلَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَيُطْرَحُ فِيهَا كَذَا؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُجِيبًا: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، وَكَانَ جَوَابُهُ مُحْتَمِلًا كُلَّ مَاءٍ، وَإِنْ قَلَّ. وَبَيَّنَّا أَنَّ فِي الْمَاءِ مِثْلَهَا إذَا كَانَ مُجِيبًا عَلَيْهَا، فَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُغْسَلَ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا دَلَّ عَلَى أَنَّ جَوَابَهُ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ عَلَيْهَا، وَكَانَ الْعِلْمُ أَنَّهُ عَلَى مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرِ مِنْهَا، وَلَا يَدُلُّ حَدِيثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَحْدَهُ عَلَى أَنَّ مَا دُونَهَا مِنْ الْمَاءِ لَا يُنَجَّسُ، وَكَانَتْ آنِيَةُ النَّاسِ صِغَارًا، وَكَانَ فِي حَدِيثِ الْوُلُوغِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَدْرَ مَاءِ الْإِنَاءِ يُنَجَّسُ بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُغَيَّرْ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: «إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» : إنَّهُ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ، فَقَصَرَهُ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ: إنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَجُعِلَ قَوْلُهُ: «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» خَاصًّا بِالْمَأْكُولِ، فَقَدْ قَصَرَهُ عَلَى سَبَبِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute