لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً، تَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ مَذْكُورًا فِي الْمَعْطُوفِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا لَكِنْ لَا يَكُونُ تَقْدِيرُهُ مُسْتَفَادًا مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرًا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ مُسْتَفَادًا مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَمِنْ حَيْثُ الْخُصُوصُ مُسْتَفَادًا مِنْ تَخْصِيصٍ بِمُنْفَصِلٍ، وَالْحَدِيثُ مِنْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَالْبَيَانُ فِي الْجَمِيعِ لَا يَتَفَاوَتُ. انْتَهَى. وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: الْمَقْصُودُ بِالْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ أَنَّ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ إذَا عُطِفَتْ عَلَى الْأُخْرَى، وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ تَقْتَضِي إضْمَارًا كَقَوْلِهِ: «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» عَلَى مَا تَدَّعِيه الْحَنَفِيَّةُ، فَإِنَّهَا لَا تَسْتَقِيمُ عِنْدَهُمْ بِدُونِ إضْمَارٍ، وَإِلَّا يَلْزَمُ قَتْلُ الْمُعَاهَدِ مُطْلَقًا، فَهَلْ يُضْمَرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؟ ثُمَّ إنْ كَانَ عَامًّا اقْتَضَى الْعَطْفُ عَلَيْهِ تَقْدِيرَ الْعَامِّ، فَكَانَ الْعَطْفُ عَلَى الْعَامِّ يَقْتَضِي الْعُمُومَ لِذَلِكَ، أَوْ يُضْمَرُ مِقْدَارُ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْكَلَامُ فَقَطْ، لِأَنَّ مَا وَرَاءَهُ تَقْدِيرٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: بِالْأَوَّلِ، وَأَصْحَابُنَا بِالثَّانِي.
وَقَدْ أَجَادَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " حَيْثُ افْتَتَحَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ: الْمَعْطُوفُ لَا يَجِبُ أَنْ يُضْمَرَ فِيهِ جَمِيعُ مَا يُمْكِنُ إضْمَارُهُ مِمَّا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ بَلْ بِقَدْرِ مَا يُفِيدُ وَيَسْتَقِلُّ بِهِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ جَمِيعُ مَا سَبَقَ مِمَّا يُمْكِنُ إضْمَارُهُ. انْتَهَى. وَكَذَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ " حَيْثُ قَالَ: هَلْ يَجِبُ أَنْ يُضْمَرَ فِي الْمَعْطُوفِ جَمِيعُ مَا يُمْكِنُ إضْمَارُهُ مِمَّا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؟ وَإِذَا وَجَبَ ذَلِكَ، وَكَانَ الْمُضْمَرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَخْصُوصًا، فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُضْمَرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَخْصُوصًا أَمْ لَا؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى، أَوْ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْكَلَامُ فَقَطْ؟ فَنَحْنُ لَا نُقَدِّرُ إلَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْكَلَامُ فَقَطْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute