للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيقَةٌ فِيمَا بَقِيَ. وَإِنْ وَكَانَ أَقَلَّ الْجَمْعِ، ثُمَّ اسْتَبْعَدَهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْبَأْ بِهَذَا الْخِلَافِ. لَكِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ ثَابِتٌ اسْتَدْرَكَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي أُصُولِهِ عَلَيَّ الْقَاضِي فَقَالَ: وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي أُصُولِهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ فَمَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ الْجَمْعِ اهـ

وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فَقَالَ: إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى الْمَجَازِ فَإِنَّ الْعَامَّ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْوَاحِدِ

قَالَ: وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِيهِ الِاتِّفَاقَ لَكِنَّ أَبَا حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ خَالَفَ، وَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَبْقَى فِي تَنَاوُلِهِ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْحَقِيقَةِ احْتِجَاجًا مِنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: ٢٣] فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَاحِدٌ، فَإِذَا ثَبَتَ حَمْلُ الْجَمْعِ عَلَى الْوَاحِدِ، فَلَا يُسْتَنْكَرُ حَمْلُ الْعُمُومِ الْمَخْصُوصِ عَلَى الْوَاحِدِ حَقِيقَةً. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا بَقِيَ أَقَلُّ الْجَمْعِ. قُلْت: وَحَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ أَبِي تَمَّامٍ مِنْ شُيُوخِهِمْ أَنَّهُ يَبْقَى حَقِيقَةً، وَإِنْ انْتَهَى التَّخْصِيصُ إلَى الْوَاحِدِ تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ حَكَى عَنْ الْأَشْعَرِيِّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا لَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْعُمُومِ كَانَ حَقِيقَةً. فَكَيْفَ يَصِحُّ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ التَّخْصِيصِ؟

وَالثَّانِي: أَنْ نَقُولَ: إنَّ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِيمَا بَقِيَ يُحْتَجُّ بِهِ مُجَرَّدًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>