وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ ": الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَجَازٌ صَحِيحٌ فِي الْعُمُومِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ بَعْضُ مَا تَنَاوَلَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا مَا وَقَعَ التَّخْصِيصُ فِيهِ بَعْدَ إرَادَةِ الْعُمُومِ بِهِ إنْ صَحَّ أَنَّهُ تَخْصِيصٌ لَا نَسْخٌ يَقْوَى هَذَا فِيهِ.
الثَّالِثُ: إطْلَاقُهُمْ. الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ التَّخْصِيصُ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ، وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ الْعَقْلَ، أَنَّهُ لَا يَصِيرُ الْعَامُّ ظَنِّيًّا مِثْلَ هَذَا التَّخْصِيصِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ ذَلِكَ فِيمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ وَالتَّفْسِيرَ دُونَ مَا لَا يَقْبَلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ التَّخْصِيصِ عِنْدَهُمْ كَدَلِيلِ الْعَقْلِ لَا يُخْرِجُ الْعَامَّ مِنْ الْقَطْعِ إلَى الظَّنِّ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ. فَكَذَا هُنَا
الرَّابِعُ: قَدْ يُدَّعَى فِي الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَعْنِي أَنَّهُ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ، أَنَّهُ لَمْ يَتَوَارَدْ الْخِلَافُ فِيهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْقَائِلَ مَجَازٌ أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللُّغَةِ، وَالْقَائِلَ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ أَرَادَ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ بَيَّنَ أَنَّ وَضْعَ الشَّرْعِ فِي الْعَامِّ إذَا خُصَّ يَكُونُ مُتَنَاوِلًا لِلْبَاقِي فَهُوَ إذَنْ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنْبَأَ عَنْ وَضْعِهَا الْإِجْمَاعُ فَصَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً مَجَازًا لُغَوِيًّا
الْخَامِسُ: ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فِي تَعْلِيقِهِ الْأُصُولِيِّ، وَسُلَيْمٌ فِي كِتَابِ " التَّقْرِيبِ " أَنَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ يَقُولُ إنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فِي الْبَاقِي، يَحْتَجُّ بِلَفْظِ الْعُمُومِ فِيمَا لَمْ يُخَصَّ مِنْهُ مُجَرَّدًا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَمَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَكُونُ مَجَازًا لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِجَاجُ بِالْعُمُومِ الْمَخْصُوصِ فِيمَا بَقِيَ إلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ ثَابِتٌ فِي الْبَاقِي، وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ حُجَّةً فَرْعُ الْكَلَامِ فِي هَذَا فَلِهَذَا أَخَّرْنَا ذِكْرَهَا، وَبِهِ يَتَّضِحُ تَقْرِيرُ مَذْهَبِنَا فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً لَكِنَّ إلْكِيَا الطَّبَرِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute