للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهِ، وَعَزَاهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ.

وَالثَّالِثُ: إنْ قَدَّرَ بِفَرْدٍ نَحْوُ قَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً مُعَيَّنَةً اعْتَدَّ بِهِ، وَيَسْقُطُ مِقْدَارُهُ مِنْ الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ إذَا قُدِّرَ بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ، فَإِنَّ مَنْ لَا يُقَدَّرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَلَزِمَتْ الْجُمْلَةُ الْأُولَى. قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْحَكَمِ. انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُسْتَصْفَى ": الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ مَنَعَهُ قَوْمٌ مِنْ جِهَةِ الْغَرَضِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَأَجَازَهُ الْأَكْثَرُونَ مِنْ جِهَةِ وُجُودِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالْمُجَوِّزُونَ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْفَعُوا وُجُودَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالْمَانِعُونَ لَمْ يَقْطَعُوا الْجِهَةَ الَّتِي يَصِحُّ بِهَا الْمُنْقَطِعُ عَلَى وَضْعِ الِاسْتِثْنَاءِ.

قَالَ: وَقَدْ حَلَّ هَذَا الشَّكَّ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ فَقَالَ: إنَّ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إبْدَالَ الْجُزْئِيِّ مَكَانَ الْكُلِّيِّ، كَمَا يُبْدَلُ الْكُلِّيُّ مَكَانَ الْجُزْئِيِّ اتِّكَالًا عَلَى الْقَرَائِنِ وَالْعُرْفِ، مَثَلًا إذَا قَالَ: مَا فِي الدَّارِ رَجُلٌ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تُفْهِمُ مَا سِوَاهُ، فَلِذَلِكَ يُسْتَثْنَى، وَيَقُولُ: إلَّا امْرَأَةً، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ كُلُّهُ مُتَّصِلًا، إلَّا أَنَّ الِاتِّصَالَ مِنْهُ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَمِنْهُ فِي الْمَعْنَى خَاصَّةٌ. قَالَ: وَإِذَا تَصَفَّحَ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ وُجِدَ عَلَى مَا قَالَهُ، وَقَدْ انْفَرَدَ بِحَلِّ هَذَا الشَّكِّ.

قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ النَّحْوِيُّ فِي كِتَابِ " الْعَوْنِيِّ ": أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَتَأَوَّلُوا تَأَوُّلًا بِهِ إلَى الَّذِي مِنْ الْجِنْسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا خِلَافَ. قَالَ: لَكِنَّ النُّحَاةَ قَدَّرُوهُ " بِلَكِنَّ "، وَهُوَ غَيْرُ مُشَابِهٍ لِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ، بَلْ الَّذِي أَجَازَهُ الْفُقَهَاءُ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِامْتِنَاعِهِ، فَإِنَّهُمْ مَثَّلُوهُ بِنَحْوِ: لَهُ عَشَرَةٌ إلَّا ثَوْبًا، وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى. أَمَّا اللَّفْظُ: فَإِنَّ اللُّغَةَ لَا تَسْتَعْمِلُ هَذَا الضَّرْبَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمُثْبَتِ إنَّمَا تَسْتَعْمِلُهُ فِي الْمَنْفِيِّ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَمُسْتَحِيلٌ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا جِيءَ بِهِ مُقَابِلًا لِلتَّأْكِيدِ. فَإِنَّمَا قُلْت: جَاءَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ إلَّا زَيْدًا، حَقَّقْت بِالِاسْتِثْنَاءِ الْإِشْكَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>