للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عُمُومِ الْمَجِيءِ لَهُمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجِئْ، فَإِذَا قُلْت: جَاءَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا حَقَّقْت بِالِاسْتِثْنَاءِ الْبَعْضَ لَهُمْ. وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَصَوُّرُهُ فِي: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَوْبًا، فَإِنْ قَالَ: الْمَعْنَى إلَّا ثَوْبًا وَأَكْثَرَ لَزِمَهُ الْعَشَرَةُ، فَأَيْنَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

قُلْت: وَقَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ: لَا يَجُوزُ فِي الْإِثْبَاتِ مَمْنُوعٌ، بَلْ جُمْهُورُ النَّحْوِيِّينَ سَوَّغُوهُ فِيهِ

الرَّابِعُ: الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ اخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَتِهِ اسْتِثْنَاءً عَلَى مَذَاهِبَ ثَلَاثَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُسَمَّى اسْتِثْنَاءً حَقِيقَةً، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْخَبَّازِ عَنْ ابْنِ جِنِّي، وَقَالَ الْإِمَامُ: هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ النَّحْوِيِّينَ، وَعَلَى هَذَا فَإِطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْقَطِعِ هَلْ هُوَ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَعْنَوِيِّ؟ قَوْلَانِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَجَازٌ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ "، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ "، وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ "، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَيْسَ فِي اللُّغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَسْمِيَتِهِ، وَاخْتَارَهُ الرُّمَّانِيُّ مِنْ النَّحْوِيِّينَ فِي " شَرْحِ الْمُوجَزِ ".

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الرَّبِيعِ فِي " شَرْحِ الْإِيضَاحِ ": ذَهَبَ أَكْثَرُ النَّاسِ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُتَّصِلَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْمُنْقَطِعَ اتِّسَاعٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كِلَاهُمَا أَصْلٌ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>