وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُسَمَّى اسْتِثْنَاءً لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، حَكَاهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " وَالْمَازِرِيُّ، وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ بِمَعْنَى كَلَامٍ مُبْدَأٍ مُسْتَأْنَفٍ.
وَقَالَ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: مُنْقَطِعٌ حَقِيقَةً، وَمَنْ قَالَ: كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ الْعِبَارَةُ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي وَالْمَازِرِيُّ: الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ قُلْت: بَلْ هُوَ مَعْنَوِيٌّ، فَإِنَّ مَنْ جَعَلَهُ حَقِيقَةً جَوَّزَ التَّخْصِيصَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَيْضًا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَا لَوْلَاهُ لَوَجَبَ دُخُولُهُ، أَوْ لَجَازَ دُخُولُهُ.
وَاحْتَجَّ فِي " الْمَحْصُولِ " عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ، بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ اللَّفْظِ إذْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ اللَّفْظُ، فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى صَارِفٍ عَنْهُ، وَلَا مِنْ الْمَعْنَى وَإِلَّا صَحَّ اسْتِثْنَاءُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ لِوُجُوبِ اشْتَرَاكِ كُلِّ شَيْئَيْنِ فِي مَعْنًى لَوْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ.
وَحَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " الْخِلَافَ عَلَى نَمَطٍ آخَرَ، فَقَالَ: اخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
وَأَحَدُهَا: أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ طَرِيقِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَجَعَلُوهُ لَغْوًا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ لَفْظًا وَمَعْنًى.
الثَّالِثُ: يَصِحُّ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ. قَالَ: وَهُوَ الْأَوْلَى بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا، أَوْ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا ثَوْبًا، يَكُونُ مُثْبِتًا لِلدِّينَارِ وَالثَّوْبِ بِالتَّقْدِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute