مَا تَنَاوَلَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِعَدَمِ مِلْكِهِ، لَا لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ اللَّفْظِ، وَمُتَصَوَّرٌ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ النِّسْوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِإِخْرَاجِ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ اللَّفْظُ، فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ
وَأَمَّا عِنْدَنَا أَيْ الشَّافِعِيَّةِ فَهَذَا مَا لَمْ يُعَقِّبْهُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ، فَلَوْ عَقَّبَهُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ، نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً، إلَّا ثَلَاثَةً، فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ لَمْ يَصِحَّ، فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ: سَبْعَةٌ، وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ، وَسَقَطَ مِنْ الْبَيْنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَالْمَنْعُ مِنْهُ أَوْلَى. وَعَنْ الْفَرَّاءِ جَوَازُهُ فِي الْمُنْقَطِعِ، نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَلْفَيْنِ، لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ
وَفِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ إنَّمَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ لَفْظًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا، أَمَّا حَالًا وَحُكْمًا فَيَصِحُّ كَقَوْلِهِ: نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ، وَلَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ سِوَاهُنَّ، فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثَةً صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ إمَّا أَنْ يُسْتَثْنَى الْأَقَلُّ أَوْ الْأَكْثَرُ أَوْ الْمُسَاوِي:
أَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ فَجَائِزٌ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " إنْ كَانَ لَيْسَ بِوَاحِدٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا حَبَّةً، أَوْ إلَّا سُدُسًا. وَإِنْ كَانَ جُزْءًا صَحِيحًا كَالْوَاحِدِ، وَالثُّلُثِ فَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَهْجَنَهُ، وَقَالَ: الْأَحْسَنُ فِي الْخِطَابِ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عِنْدِي تِسْعَةٌ، وَلَا يَقُولُ عَشَرَةٌ، إلَّا وَاحِدًا.
وَقَالَ فِي " شَرْحِ التَّلْقِينِ " عَنْ قَوْمٍ: إنَّهُمْ شَذُّوا، فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute