وَالْمُتَّبِعُونَ لَهُ هُمْ الْأَكْثَرُ، بِدَلِيلِ: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣] .
وَأُجِيبَ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، وَالْعِبَادَ الْمُضَافِينَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى هُمْ الْمُؤْمِنُونَ، لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِتَشْرِيفِ الْمُضَافِ، لَكِنَّهُ يَدْخُلُ الْغَاوُونَ تَحْتَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَقَوْلُهُ: {إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: ٤٢] أَقَلُّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. لِأَنَّ قَوْلَهُ يَتَنَاوَلُ الْمَلَكَ، وَالْإِنْسَ وَالْجِنَّ، وَكُلُّ الْغَاوِينَ أَقَلُّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «الْمَلَائِكَةُ يَطُوفُونَ بِالْمَحْشَرِ سَبْعَةَ أَدْوَارٍ» وَذَلِكَ أَعْظَمُ مَنْ فِي الْمَحْشَرِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: الْقَاطِعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَثْنَى الْغَاوِينَ مِنْ الْمُخْلَصِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَاسْتَثْنَى الْمُخْلَصِينَ مِنْ الْغَاوِينَ فِي قَوْلِهِ حِكَايَةً عَنْ إبْلِيسَ: {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢] {إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٣] ، فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاوِينَ وَالْمُخْلَصِينَ أَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: " مِنْهُمْ " عَائِدٌ لِبَنِي آدَمَ، وَالْمُخْلَصُ مِنْهُمْ قَلِيلٌ، وَانْفَصَلَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ: " الْمُخْلَصُونَ " هُنَا هُمْ الْأَنْبِيَاءُ، وَالْمَلَائِكَةُ وَسُكَّانُ السَّمَوَاتِ، وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ الْغَاوِينَ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَكْثَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute