للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ النِّصْفَ لَا يُقَالُ فِيهِ: قَلِيلٌ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ أَوَّلًا بِقِيَامِ اللَّيْلِ إلَّا قَلِيلًا، فَيَكُونُ أَمْرًا بِقِيَامِ الْأَكْثَرِ، فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ: نِصْفَهُ مُخَالِفٌ لَهُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَشَرْطُ النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ مُتَرَاخِيًا. وَقَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ: بَلْ ضَمِيرُ (نِصْفُهُ) يَعُودُ عَلَى الْقَلِيلِ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنْهُ، بَدَلُ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ، وَجَازَ وَإِنْ كَانَ الْقَلِيلُ مُبْهَمًا، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ بِالْعَادَةِ، أَيْ مَا يُسَمَّى قَلِيلًا فِي الْعَادَةِ

وَنَقَلَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ مَنْعَ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ. قَالَ: وَلَهُ فِي الْمُسَاوِي وَجْهَانِ، وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيُّ عَنْ الْقَاضِي قَوْلَيْنِ فِي أَكْثَرَ. وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْمَازِرِيُّ، وَالْآمِدِيَّ عَنْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْأَكْثَرُ وَالْمُسَاوِي. وَشَرَطُوا أَنْ يَنْقُصَ عَنْ النِّصْفِ، وَحَكَاهُ الْآمِدِيُّ فِي " شَرْحِ الْجُزُولِيَّةِ " عَنْ الْبَصْرِيِّينَ.

وَاَلَّذِي فِي " التَّقْرِيبِ " لِلْقَاضِي: يَمْتَنِعُ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ فِي الْأَشْبَهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ كُنَّا قَدْ نَصَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ جَوَازَهُ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ: آخِرُ قَوْلَيْ الْقَاضِي الْمَنْعُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْقَاضِي لِلْمُسَاوِي: وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: كَانَ الْقَاضِي أَوَّلًا يُجَوِّزُ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ آخِرًا فِي " التَّقْرِيبِ وَالْإِرْشَادِ " وَقَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ صَحَّ، وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْعُقُودِ، قَالُوا: وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ لَا مِنْ اللَّفْظِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْسُنُ الِاحْتِجَاجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>