للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ

قِيَاسُ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا تَقَدَّمَ اخْتَصَّ بِالْجُمْلَةِ الْأُولَى، لِأَنَّهَا الَّتِي تَلِيهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ

وَالثَّالِثُ: وَالْوَقْفُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى الْأَوَّلِ وَإِلَى الْمُتَوَسِّطِ وَإِلَى الْأَخِيرِ؛ وَلَكِنْ فِي الْحَالِ تَوَقَّفَ، وَالْمُتَّبَعُ الدَّلِيلُ، فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى انْصِرَافِهِ لِأَحَدِهَا صِرْنَا إلَيْهِ.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ فَارِسٍ فِي كِتَابِ " فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ ": فَإِنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْجَمِيعِ عَادَ، كَآيَةِ الْمُحَارَبَةِ؛ وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَنْعِهِ امْتَنَعَ، كَآيَةِ الْقَذْفِ. قَالَ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ ": وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيَّةِ. وَحَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ، وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي " الْمُنْتَخَبِ "، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمَحْصُولِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَحَكَاهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ عَنْ اخْتِيَارِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا قَالَ الْوَاقِفُ: وَقَفْت دَارِي عَلَى [بَنِي] فُلَانٍ، وَحَبَسْت أَرْضِي عَلَى بَنِي فُلَانٍ، وَذَكَرَ نَوْعًا آخَرَ، ثُمَّ قَالَ: إلَّا الْفُسَّاقَ، فَيُصْرَفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْكُلِّ.

فَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِظُهُورِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَنْوَاعِ، وَلَكِنْ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ. وَهُمَا احْتِمَالُ عَوْدِهِ إلَى الْجَمِيعِ، أَوْ إلَى مَا يَلِيهِ، وَالتَّوَقُّفِ فِيهِ، وَلَا صَرْفَ مَعَ التَّوَقُّفِ

قَالَ إلْكِيَا: وَهَذَا الْمَأْخَذُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ. فَإِنَّ التَّوَقُّفَ فِي الْمُسْتَثْنَى، يُوجِبُ التَّوَقُّفَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، حَتَّى لَا يَنْصَرِفَ إلَى الْعُدُولِ أَيْضًا. وَنَحْنُ نَصْرِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>