كُلَّ الْمَالِ إلَى الْعُدُولِ، وَالتَّوَقُّفُ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ فِي حَقِّ الْكُلِّ، فَإِنَّا لَا نَدْرِي أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ أَمْ لَا، وَهُوَ كَالتَّوَقُّفِ فِي الْمِيرَاثِ لِلْحَمْلِ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ مَسْلَكَ التَّفْصِيلِ فِي التَّوَقُّفِ، فَرَأَى أَنَّ الْجُمَلَ إنْ كَانَتْ مُتَنَاسِبَةً، وَالْغَرَضُ مِنْهَا مُتَّحِدٌ، فَاللَّفْظُ مُتَرَدِّدٌ، وَلَا قَرِينَةَ؛ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْجِهَاتِ مُتَبَايِنَةَ الْمَأْخَذِ، فَالظَّاهِرُ الِاخْتِصَاصُ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لِانْقِطَاعِ مَا بَيْنَ الْجُمَلِ فِي الْمَعْنَى وَالْغَرَضِ؛ وَإِنْ أَمْكَنَ انْعِطَافُهُ عَلَى جَمِيعِهَا وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، فَقَالَ: نَعَمْ، لَوْ تَبَايَنَتْ الْجُمَلُ فِي الْأَحْكَامِ بِأَنْ يَذْكُرَ حُكْمًا، ثُمَّ يَأْخُذَ فِي حُكْمٍ آخَرَ. فَالْأَوَّلُ: مُنْقَطِعٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يَعْمَلُ فِيهِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ، وَالْوَاوُ هُنَا لَا تُعَدُّ مُشْرِكَةً نَاسِفَةً لِلنَّظْمِ، كَقَوْلِك: ضَرَبَ الْأَمِيرُ زَيْدًا، وَخَرَجَ إلَى السَّفَرِ، وَخَلَعَ عَلَى فُلَانٍ. قَالَ: وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا، وَبِهِ تَهَذَّبَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَيُغْنِي عَمَّا عَدَاهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ حَكَوْا قَوْلَ الْوَقْفِ عَنْ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى، وَأَنَّهُ يُغَايِرُ مَذْهَبَ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ تَوَقَّفَ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَدْلُولِهِ لُغَةً، وَالْمُرْتَضَى تَوَقَّفَ لِكَوْنِهِ عِنْدَهُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ عَوْدِهِ إلَى الْكُلِّ وَعَوْدِهِ إلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمُرَكَّبَاتِ لَا فِي الْمُفْرَدَاتِ.
قُلْت: وَاَلَّذِي حَكَاهُ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " عَنْ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى أَنَّهُ يُقْطَعُ بِعَوْدِهِ إلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَتَوَقَّفَ فِي رُجُوعِهِ إلَى غَيْرِهَا لِمَا تَقَدَّمَ، فَجَوَّزَ صَرْفَهُ إلَى الْجَمِيعِ، وَقَصَرَهُ عَلَى الْأَخِيرَةِ، كَمَذْهَبِهِ فِي الْأَمْرِ، هَذَا لَفْظُهُ، وَهُوَ أَثْبَتُ مَنْقُولٍ عَنْهُ، لِأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِهِ الشِّيعِيِّ.
وَالرَّابِعُ: إنْ كَانَتْ الْجُمَلُ كُلُّهَا سِيقَتْ لِمَقْصُودٍ وَاحِدٍ انْصَرَفَ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute