يَعُمُّهُمَا؟ قَالَ فِي " الرَّوْضَةِ ": قُلْت: الصَّحِيحُ التَّعْمِيمُ. وَاسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا فَائِدَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ مَعَ عَدَمِ الْعَطْفِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَخُصُّ بِمَا إذَا تَأَخَّرَ الِاسْتِثْنَاءُ، بَلْ تَكُونُ فِي حَالَةِ تَأَخُّرِهِ، وَحَالَةِ تَقَدُّمِهِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ، فَإِنْ كَانَ بِثُمَّ اخْتَصَّ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ. ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي تَدْرِيسِهِ، حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَقْفِ، بَعْدَ أَنْ صَرَّحَ أَنَّ أَصْحَابَنَا أَطْلَقُوا الْعَطْفَ. وَعَلَيْهِ جَرَى الْآمِدِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَابْنُ السَّاعَاتِيِّ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الْأَصْفَهَانِيَّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ " حَكَاهُ عَنْ الْآمِدِيَّ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ مَنْ تَقَدَّمَهُ بِهِ؛ لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي " النِّهَايَةِ " مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ التَّمْثِيلَ: بِثُمَّ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ مَذْهَبَنَا عَوْدُهُ إلَى الْجَمِيعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ " ثُمَّ، وَالْفَاءَ، وَحَتَّى " مِثْلُ " الْوَاوِ " فِي ذَلِكَ. وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " " بِالْفَاءِ " وَغَيْرِهَا، فَقَالَ: وَهَذِهِ سَبِيلُ جُمَلٍ عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِأَيِّ حُرُوفِ الْعَطْفِ عُطِفَتْ، مِنْ " فَاءٍ، وَوَاوٍ " وَغَيْرِهَا. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْجُمَلِ بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ جَامِعٌ فِي مُقْتَضَى الْوَضْعِ، وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ " الْعُدَّةِ " فَإِنَّهُ قَالَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ وَاوَ الْعَطْفِ تَشْتَرِكُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ فَتُجْعَلَانِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، فَطَالِقٌ، إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَوْ كَانَ الْإِيقَاعُ جُمْلَةً وَاحِدَةً صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ. هَذَا لَفْظُهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ. وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّرْتِيبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute