وَأَمَّا بَقِيَّةُ حُرُوفِ الْعَطْفِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ، لِأَنَّ " بَلْ، وَلَا، وَلَكِنْ " لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ بِعَيْنِهِ، فَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ إلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ " أَوْ، وَأَمْ، وَأَمَّا " لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ وَغَيْرَهُ مَثَّلُوا الْمَسْأَلَةَ بِآيَةِ الْمُحَارَبَةِ، مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ فِيهَا بِ " أَوْ " وَحَكَى الرَّافِعِيُّ الْخِلَافَ فِي " بَلْ " قُبَيْلَ الطَّلَاقِ بِالْحِسَابِ فَقَالَ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ ثَلَاثًا، إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا - وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ - تَقَعُ وَاحِدَةٌ، بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَثِنْتَانِ بِدُخُولِ الدَّارِ. رَدًّا لِلشَّرْطِ إلَى مَا يَلِيهِ خَاصَّةً. وَالثَّانِي يَرْجِعُ الشَّرْطُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا، إلَّا أَنْ يَقُولَ: أَرَدْت تَخْصِيصَ الشَّرْطِ بِقَوْلِي: بَلْ ثَلَاثًا.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ الْجُمْلَتَيْنِ كَلَامٌ طَوِيلٌ، فَإِنْ تَخَلَّلَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ كَانَ نَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَانِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْفُقَرَاءِ إلَّا أَنْ يَفْسُقُوا. حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ طُولَ الْفَصْلِ يُشْعِرُ بِقَطْعِ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ
الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الْجُمَلُ مُنْقَطِعَةً، بِأَنْ تُنْبِئَ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَمَّا لَا تُنْبِئُ عَنْهُ أَخَوَاتُهَا. ذَكَرَهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ. قَالَ: فَإِنْ تَوَالَتْ عِبَارَاتٌ كُلُّهَا تُنْبِئُ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ، ثُمَّ عَقَّبَهَا بِاسْتِثْنَاءٍ، كَقَوْلِك: اضْرِبْ الْعُصَاةَ، وَالْجُنَاةَ، وَالطُّغَاةَ، وَالْبُغَاةَ إلَّا مَنْ تَابَ، رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجَمِيعِ قَطْعًا. وَيُوَافِقُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِنِيَّةِ التَّكْرَارِ، وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ: أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمِيعِ قَالَ: لِأَنَّ الْكَلَامَ مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِرَابِطَةِ التَّأْكِيدِ كَانَ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute