وَحَمْلُ الْقُرْآنِ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَوَائِدِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى التَّأْكِيدِ.
وَحَكَى التَّبْرِيزِيُّ فِي اخْتِصَارِ الْمَحْصُولِ ": فِيمَا إذَا كَانَتْ الْغَايَةُ لَهَا جُزْءَانِ أَوْ أَجْزَاءٌ خِلَافًا فِي أَنَّ الْغَايَةَ هِيَ الْأُولَى أَمْ الْأَخِيرَةُ؟ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِيهِ، وَغَيْرُهُ يَحْكِي الِانْدِرَاجَ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَجْزَاءِ. قُلْت: وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ الْفِقْهِيِّ فِي أَنَّ الْحَدَثَ هَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ أَمْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَامِ الْأَعْضَاءِ؟ الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» فَالْحَدَثُ مُغَيًّا بِالْوُضُوءِ، وَالْوُضُوءُ ذُو أَجْزَاءٍ فَهَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ الْعُضْوِ بِمُجَرَّدِهِ، أَمْ لَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى تُوجَدَ الْغَايَةُ بِتَمَامِهَا؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ «إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ» هَلْ الْمُرَادُ تَطَهَّرَ طُهْرًا كَامِلًا، أَوْ طُهْرًا مَا حَتَّى غَسَلَ رِجْلًا. وَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ أُخْرَى وَأَدْخَلَهَا جَازَ؟ وَفِيهِ خِلَافٌ، هَذَا مَأْخَذُهُ.
وَحَكَى غَيْرُهُ مَذْهَبًا ثَالِثًا بِالتَّفْصِيلِ، فَقَالَ: إنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْ ذِي الْغَايَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] فَالْغَايَةُ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنْفَصِلَةً كَقَوْلِهِ: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] فَالْغَايَةُ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُصُولِيِّينَ أَطْلَقُوا كَوْنَ الْغَايَةِ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ، قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَهَذَا الْكَلَامُ مُقَيَّدٌ بِغَايَةٍ تَقَدَّمَهَا لَفْظٌ يَشْمَلُهَا، لَوْ لَمْ يُؤْتَ بِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩] فَإِنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ لَوْ لَمْ يُؤْتَ بِهَا لَقَاتَلْنَا الْمُشْرِكِينَ، أَعْطَوْا الْجِزْيَةَ أَوْ لَمْ يُعْطُوهَا. وَوَرَاءَهُ صُورَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: غَايَةٌ لَمْ يَشْمَلْهَا الْعُمُومُ وَلَا صَدَقَ عَلَيْهَا اسْمُهُ، فَلَا يُؤْتَى بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute