قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ ": إنَّهُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ. وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ ابْنُ خَرُوفٍ وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ سِيبَوَيْهِ مِنْهُ حَرْفًا، وَلَا هُوَ مَذْهَبُهُ؛ وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي كِتَابِهِ: إنَّ " إلَى " مُنْتَهَى الِابْتِدَاءِ. تَقُولُ: مِنْ مَكَانِ كَذَا إلَى كَذَا، وَكَذَلِكَ " حَتَّى " قَالَ: وَلَهَا فِي الْفِعْلِ حَالُ لَيْسَ " لِإِلَى ". تَقُولُ: قُمْت إلَيْهِ، فَتَجْعَلُهُ مُنْتَهَاك مِنْ مَكَانِك، وَلَا تَكُونُ " حَتَّى " هُنَا. فَهَذَا أَثَرُ " إلَى "، وَأَصْلُهَا، وَإِنْ اتَّسَعَتْ فَهِيَ أَعَمُّ فِي الْكَلَامِ مِنْ " حَتَّى ": تَقُولُ: قُمْتُ إلَيْهِ، فَتَجْعَلُهُ مُنْتَهَاك مِنْ مَكَانِك. وَلَا تَقُولُ " حَتَّاهُ ". هَذَا لَفْظُ سِيبَوَيْهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ غَيْرَ ذَلِكَ.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَايَةِ الِانْتِهَاءِ، أَمَّا غَايَةُ الِابْتِدَاءِ فَفِيهَا قَوْلَانِ فَقَطْ. قَالَهُ الْقَرَافِيُّ. وَطَرَدَ الْأَصْفَهَانِيُّ الْخِلَافَ فِيهَا، فَقَالَ: وَفِيهَا مَذَاهِبُ: يَدْخُلَانِ. لَا يَدْخُلَانِ، ثَالِثُهَا: تَدْخُلُ غَايَةُ الِابْتِدَاءِ دُونَ الِانْتِهَاءِ. رَابِعُهَا: إنْ قَرُبَ حِسًّا خَرَجَتْ، وَإِلَّا دَخَلَتْ. خَامِسُهَا: إنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ خَرَجَتْ. ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهَذَا الْخِلَافُ مَخْصُوصٌ " بِإِلَى " وَلَا يَجْرِي فِي " حَتَّى " لِقَوْلِ النُّحَاةِ: إنَّ الْمَعْطُوفَ بِحَتَّى شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا، وَدَاخِلًا فِي حُكْمِهِ، وَآخِرُ جُزْءٍ مِنْهُ أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ، أَوْ فِيهِ مَعْنَى التَّعْظِيمِ أَوْ التَّحْقِيرِ، فَقَطَعُوا بِانْدِرَاجِ مَا بَعْدَهَا فِي الْحُكْمِ، وَخَالَفَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ. قَالَ: بَلْ يَجْرِي فِيهَا وَهِيَ إذَا جَاءَتْ عَاطِفَةً لَيْسَتْ بِمَعْنَى " إلَى " فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِ النَّحْوِيِّينَ وَالْأُصُولِيِّينَ.
وَهَاهُنَا أُمُورٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَحَلُّهُ فِي غَايَةٍ يَتَقَدَّمُهَا لَفْظٌ يَشْمَلُهَا عَلَى مَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute