ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّك تَضُمُّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ، فَمَا أَوْجَبَهُ حُكْمُهُمَا فَالْحُكْمُ لَهُ، وَحَقُّ الْكَلَامِ مَا يُقَيَّدُ بِهِ، حَتَّى يُعْلَمَ التَّوْكِيدُ فَإِنْ كَانَ إذَا ثَبَتَ الْعُمُومُ سَقَطَ دَلَالَةُ الشَّرْطِ، فَالْحُكْمُ لِمَا فِيهِ الشَّرْطُ، وَإِنْ كُنْت إذَا أَثْبَتَهُ لَمْ تَنْفِ دَلَالَةَ الْعُمُومِ أَجْرَيْته عَامًّا إلَى أَنْ تَقُومَ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ السَّائِمَةِ وَالْعَامِلَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْمَفْهُومِ الْمُحْتَمَلِ، لَكِنْ ثَبَتَ فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ.
قَالَ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَلَى جَوَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦] مُرَتَّبًا عَلَى قَوْلِهِ: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٢٣٦] مَا لَمْ تَقُمْ دَلَالَةٌ، وَقَدْ قَامَتْ الدَّلَالَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُنَّ مَدْخُولٌ بِهِنَّ، فَتَثْبِيتُ الْمُتْعَةِ لِلْمَمْسُوسَةِ وَغَيْرِهَا بِهَذَا الدَّلِيلِ. اهـ.
وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: دَلَالَةُ الْمَفْهُومِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْعُمُومِ الْمَنْطُوقِ، فَإِذَا قَالَ: أَعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا، ثُمَّ قَالَ: إنْ دَخَلَ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا، كَانَ الثَّانِي أَقْوَى. وَالدَّلِيلَانِ إذَا تَعَارَضَا قُضِيَ بِأَقْوَاهُمَا، وَهَذَا عَكْسُ قَوْلِ الرَّازِيَّ فِي دَعْوَاهُ ضَعْفَ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ.
وَقَالَ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ " يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ، يَعْنِي بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِ مَنْ يُثْبِتُهُ، لِأَنَّهُ دَلِيلٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْآيَةِ فَأَشْبَهَ الْقِيَاسَ.
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: إذَا قُلْنَا: بِجَوَازِ التَّخْصِيصِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، فَهَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ اللَّفْظِ أَوْ الْقِيَاسِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا سُلَيْمٌ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اللَّفْظِ، لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ تَخْصِيصِ الْوَصْفِ بِالْحُكْمِ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ. وَالثَّانِي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute