للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُمِلَ الطَّعَامُ عَلَى الْبُرِّ، لِأَنَّهُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْحِجَازِ كَذَلِكَ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِهِ. قَالَ: وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَرِدَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَبَرٌ فِي بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَعَادَةُ النَّاسِ تُخَالِفُهُ، فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِالْخَبَرِ، وَإِطْرَاحُ تِلْكَ الْعَادَةِ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلَافٌ. قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ خَصَّصْتُمْ عُمُومُ لَفْظِ الْيَمِينِ بِالْعَادَةِ، فَقُلْتُمْ: إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا، أَوْ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ مِنْ الرُّءُوسِ وَالْبَيْضِ؟ فَهَلَّا قُلْتُمْ فِي أَلْفَاظِ الشَّارِعِ مِثْلَ ذَلِكَ؟ قِيلَ: نَحْنُ لَا نَخُصُّ الْيَمِينَ بِعُرْفِ الْعَادَةِ، وَإِنَّمَا نَخُصُّهُ بِعُرْفِ الشَّرْعِ، مِثْلُ: لَا يُصَلِّي أَوْ لَا يَصُومُ، فَيَحْنَثُ بِالشَّرْعِيِّ، أَوْ بِعُرْفٍ قَائِمٍ بِالِاسْمِ مِثْلُ: لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ أَوْ الرُّءُوسَ الَّذِي يُقْصَدُ بِالْأَكْلِ فَيُخَصُّ الْيَمِينُ بِعُرْفٍ قَائِمٍ فِي الِاسْمِ، فَأَمَّا بِعُرْفِ الْعَادَةِ فَلَا يُخَصُّ، فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا بِبَلَدٍ لَا يُؤْكَلُ فِيهِ إلَّا خُبْزُ الْأَرُزِّ، حَنِثَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ: الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللِّسَانِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِعُمُومِ ذَلِكَ الِاسْمِ عَلَى مَا اعْتَادُوهُ، لِأَنَّ الْخِطَابَ إنَّمَا يَقَعُ بِلِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى حَقِيقَةِ لُغَتِهَا، فَلَوْ خَصَّصْنَاهُ بِالْعَادَةِ لَلَزِمَ تَنَاوُلُهُ بَعْضَ مَا وُضِعَ لَهُ؟ وَحَقُّ الْكَلَامِ الْعُمُومُ، وَلَسْنَا نَدْرِي: هَلْ أَرَادَ اللَّهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَالْحُكْمُ لِلِاسْمِ، حَتَّى يَأْتِيَ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ. قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى خِطَابِ اللَّهِ وَخِطَابِ رَسُولِهِ، فَأَمَّا خِطَابُ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا، فَيُنَزَّلُ عَلَى مَوْضُوعَاتِهِمْ كَنَقْدِ الْبَلَدِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَغَيْرِهِ، إذَا أَرَادُوهُ، وَإِلَّا عُمِلَ بِالْعَامِّ. وَلَا يُحَالُ اللَّفْظُ عَنْ حَقِّهِ إلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى. وَقَالَ سُلَيْمٌ: لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِالْعَادَةِ، مِثْلُ أَنْ يَرِدَ خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَعَادَةُ النَّاسِ تُخَالِفُهُ، فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِالْخَبَرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>