وَإِطْرَاحُ تِلْكَ الْعَادَةِ، لِأَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا يَرِدُ لِنَقْلِ النَّاسِ عَنْ عَادَتِهِمْ، فَلَا يُتْرَكُ بِهَا. انْتَهَى. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ النِّهَايَةِ ": يَجِبُ فِي خَمْسٍ شَاةٌ، أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ غَنَمِ غَالِبِ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ. لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي خَمْسٍ شَاةٌ» ، وَاسْمُ الشَّاةِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَلَفْظُ الشَّارِعِ لَا يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ. ثُمَّ هُنَا أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَادَةَ الَّتِي تُخَصِّصُ إنَّمَا هِيَ السَّابِقَةُ لِوَقْتِ اللَّفْظِ الْمُسْتَقَرِّ، وَقَارَنَتْهُ حَتَّى تُجْعَلَ كَالْمَلْفُوظِ بِهَا، فَإِنَّ الْعَادَةَ الطَّارِئَةَ بَعْدَ الْعَامِّ لَا أَثَرَ لَهَا، وَلَا يُنَزَّلُ اللَّفْظُ السَّابِقُ عَلَيْهَا قَطْعًا؛ وَأَغْرَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَحَكَى خِلَافًا فِي أَنَّ الْعُرْفَ الطَّارِئَ، هَلْ يُخَصِّصُ الْأَلْفَاظَ الْمُتَقَدِّمَةَ؟ الثَّانِي: أَطْلَقَ كَثِيرُونَ التَّخْصِيصَ بِالْعَادَةِ، وَخَصَّهَا الْمُحَقِّقُونَ بِالْقَوْلِيَّةِ دُونَ الْفِعْلِيَّةِ.
قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الْمُعْتَمَدِ " الْعَادَةُ الَّتِي تُخَالِفُ الْعُمُومَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَادَةٌ فِي الْفِعْلِ وَالْآخَرُ عَادَةٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْعُمُومِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِأَنْ يَعْتَادَ النَّاسُ شُرْبَ بَعْضِ الدِّمَاءِ، فَيُحَرِّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الدِّمَاءَ بِكَلَامٍ يَعُمُّهَا، فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ هَذِهِ الْعُمُومِ. بَلْ يَجِبُ تَحْرِيمُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعُمُومُ مُسْتَغْرِقًا فِي اللُّغَةِ، وَيَتَعَارَفُ النَّاسُ الِاسْتِعْمَالَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَقَطْ. كَاسْمِ الدَّابَّةِ، فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute