فَالْأَحْوَالُ إذَنْ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْلَمَ مِنْ قَصْدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمَخْرَجِ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْخُصُوصُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ الرَّاوِي فِيهِ. الثَّانِي: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ خُصَّ الْخَبَرُ بِدَلِيلٍ آخَرَ، أَوْ ضَرْبٍ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ فَيَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرِ قَطْعًا. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُعْلَمَ مَا لِأَجْلِهِ خُصَّ الْخَبَرُ، وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ بِدَلِيلٍ، فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّاوِي لِلْخَبَرِ إذَا كَانَ الْخَبَرُ مُحْتَمِلًا لِمَعْنَيَيْنِ قَالَ: وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَإِذَا فَسَّرَهُ بِأَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ أَخَذْنَا بِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» حَيْثُ فَسَّرَهُ بِالتَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ. فَأَمَّا مَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ الْكَرْخِيّ
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ إلَى أَنَّهُ يُخَصُّ عُمُومُ الْخَبَرِ، وَتَرْكُ ظَاهِرِهِ بِقَوْلِ الرَّاوِي وَبِمَذْهَبِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْخَبَرِ بِأَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ، فَالْمَكَانُ الَّذِي نَقْبَلُ قَوْلَهُ فِيهِ لَا يَقْبَلُونَهُ، وَالْمَكَانُ الَّذِي يَقْبَلُونَهُ لَا نَقْبَلُهُ
تَنْبِيهَاتٌ
[هَلْ يُخَصُّ الْحَدِيثُ بِقَوْلِ رَاوِيهِ مِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ]
الْأَوَّلُ: زَعَمَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّاوِي صَحَابِيًّا، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَاهَدَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خِلَافَ مَا رَوَاهُ، فَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا غَيْرُ الصَّحَابِيِّ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ خِلَافٌ فِي أَنَّ فِعْلَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى رِوَايَتِهِ. اهـ. وَغَرَّهُ فِي ذَلِكَ بِنَاؤُهُمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ قَوْلَهُ حُجَّةٌ أَمْ لَا؟ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الصَّحَابِيِّ، لَكِنَّ الْخِلَافَ فِي التَّخْصِيصِ بِقَوْلِ الرَّاوِي لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابِيِّ، بَلْ وَلَا بِصُورَةِ التَّخْصِيصِ؛ بَلْ الرَّاوِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute