الْبَوْلِ تَنْبِيهٌ عَلَى رِوَايَةِ الْإِطْلَاقِ، وَأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ النَّهْيُ عَنْ الْمَسِّ بِالْيَمِينِ حَالَةَ الِاسْتِنْجَاءِ مَعَ مَظِنَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَغَيْرُهُ مِنْ الْحَالَاتِ أَوْلَى. وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ خَصَّصَ النَّهْيَ بِمَسِّ الذَّكَرِ بِحَالَةِ الْبَوْلِ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ بِالنَّهْيِ عَنْ مَسِّهِ مُطْلَقًا أَخْذًا بِالْإِطْلَاقِ.
ثُمَّ قَالَ: وَيُنْظَرُ إنْ كَانَا حَدِيثَيْنِ فَالْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَمَخْرَجُهُ وَاحِدٌ، وَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ الرُّوَاةُ، فَيَنْبَغِي حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَيَكُونُ زِيَادَةً مِنْ عَدْلٍ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ. وَهَذَا أَيْضًا يَكُونُ بَعْدَ النَّظَرِ فِي دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، وَمَا يُعْمَلُ بِهِ مِنْهُ، وَمَا لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَبَعْدَ أَنْ يُنْظَرَ فِي تَقْدِيمِ الْمَفْهُومِ عَلَى ظَاهِرِ الْعُمُومِ.
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يَقُولُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْعَامَّ فِي الذَّوَاتِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمِنَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَا نَخْتَارُ نَحْنُ مِنْ الْعُمُومِ فِي الْأَحْوَالِ تَبَعًا لِلْعُمُومِ فِي الذَّوَاتِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ. انْتَهَى. وَبِهَذَا يَسْهُلُ جَعْلُ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ.
تَنْبِيهٌ سَبَقَ فِي بَابِ الْعُمُومِ خِلَافٌ فِي أَنَّ التَّخْصِيصَ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَوْ لَا؟ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْخِلَافِ هُنَا حَتَّى يُشْتَرَطَ عَلَى قَوْلِ كَوْنِهِمَا مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ لَا مِنْ بَابِ الْخَبَرِ. اهـ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: [لَا] أَنْ يَكُونَ فِي جَانِبِ الْإِبَاحَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَيْضًا فِي الْكَلَامِ عَلَى لُبْسِ الْمُحْرِمِ الْخُفَّ. وَقَالَ: إنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي جَانِبِ الْإِبَاحَةِ إذْ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَفِي الْمُطْلَقِ زِيَادَةٌ. انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute