لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ، قَالَ قَوْمٌ: الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ لِمَجْمُوعِ الْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةِ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: قَالَ الْأَصْحَابُ: الْمُجْمَلُ عَلَى أَوْجُهٍ: مِنْهَا: أَنْ لَا يَرْجِعَ اللَّفْظُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، كَقَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إلَّا بِحَقِّهَا» فَإِنَّ الْحَقَّ يَشْتَمِلُ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَجْهُولٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: ١] فَإِنَّهُ صَارَ مُجْمَلًا لِمَا دَخَلَهُ الِاسْتِثْنَاءُ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَفْعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلًا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ احْتِمَالًا وَاحِدًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ، فَهُوَ مُجْمَلٌ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَالْقَصِيرَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِدَلِيلٍ. قَالَ: وَهَذِهِ الْوُجُوهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي إجْمَالِهَا وَافْتِقَارِهَا إلَى الْبَيَانِ. انْتَهَى.
وَمِنْهَا: فِي تَعَدُّدِ الْمَجَازَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ مَعَ مَانِعٍ يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ اللَّفْظَ يَصِيرُ مُجْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى تِلْكَ الْمَجَازَاتِ، إذْ لَيْسَ الْحَمْلُ عَلَى أَحَدِهَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ كَمَا هُوَ فِي الْمُشْتَرَكِ وَالْمُتَوَاطِئِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَالْهِنْدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُحْمَلْ الْمُشْتَرَكُ عَلَى مَعَانِيهِ، لَكِنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ حَمْلُهُ عَلَى سَائِرِ الْمَعَانِي احْتِيَاطٌ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانٍ. أَمَّا إذَا تَكَافَأَتْ الْمَجَازَاتُ، وَتَرْجِيحُ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ كَنَفَيْ الصِّحَّةِ، كَقَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ. . . وَلَا صِيَامَ» أَوْ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ غَرَضًا أَوْ أَعْظَمُ مَقْصُودًا، كَرَفْعِ الْحَرَجِ، وَتَحْرِيمِ الْأَكْلِ فِي: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي» وَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] حُمِلَ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute