أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَنْعِ الصَّلَاةِ. وَإِذَا قَالَ: صَلِّ، يَجِبُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ. فَقَالَ كَذَلِكَ أَقُولُ. فَقُلْنَا: إذَا قَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ جُمْلَةِ الْقَوْمِ: يَا زَيْدُ تَعَالَ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْبَاقِينَ أَنْ يَأْتُوهُ. قَالَ: كَذَلِكَ أَقُولُ: فَقُلْنَا: إذَا وَصَلْنَا إلَى هَذَا سَقَطَ الْكَلَامُ. قَالَ الْأُسْتَاذُ: وَهَذَا الَّذِي رَكَّبَهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَلَيْسَ مِمَّا يَتَخَالَجُ لِقَبُولِهِ فِي الْقُلُوبِ وَجْهٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ أَلْبَتَّةَ. قَالَ: وَلَوْ تَصَوَّرَ دَلِيلَ الْخِطَابِ لَمْ يَصِرْ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَذْكُرَ الشَّيْءَ بِلَفْظِهِ الْعَامِّ مُقَيَّدًا بِأَحَدِ أَوْصَافِهِ، نَحْوُ: اُقْتُلْ أَهْلَ الْكِتَابِ الْيَهُودَ مِنْهُمْ.
قَالَ: وَكَانَ الدَّقَّاقُ إذَا جَرَى لَهُ كَلَامٌ فِي مِثْلِهِ يَذْكُرُهُ فِي مَجْلِسِ الدَّرْسِ، وَيُعِيدُهُ، وَيَتَحَجَّجُ لَهُ، وَيَنْصُرُهُ، وَرَأَيْنَاهُ كَأَنَّهُ اسْتَحَى مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي رَكَّبَهُ فِي دَلِيلِ الْخِطَابِ، فَلَمْ نَرَهُ عَادَ إلَيْهِ أَوْ تَكَلَّمَ بِهِ فِي كِتَابٍ. اهـ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ الدَّقَّاقِ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ أَوْ تَوَقُّفِهِ فِيهِ. وَلَيْسَ مَا أُلْزِمَ بِهِ الدَّقَّاقُ بِعَجِيبٍ، لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَقُولُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ النُّطْقِ بِخِلَافِهِ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: إطْلَاقُ أَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا قَدْ اسْتَشْكَلَ، فَإِنَّ أَصْحَابَنَا قَدْ قَالُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ وَاحْتَجُّوا بِهِ كَاحْتِجَاجِهِمْ فِي تَعْيِينِ الْمَاءِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِحَدِيثِ: (حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ) . وَعَلَى تَعْيِينِ التُّرَابِ بِالتَّيَمُّمِ بِقَوْلِهِ: (وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا) . وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اللَّقَبِ، بَلْ مِنْ قَاعِدَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ مَتَى انْتَقَلَ مِنْ الِاسْمِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ أَفَادَ الْمُخَالَفَةَ، فَلَمَّا تَرَكَ الِاسْمَ الْعَامَّ وَهُوَ الْأَرْضُ إلَى الْخَاصِّ وَهُوَ التُّرَابُ، جُعِلَ دَلِيلًا. وَأَمَّا فِي الِاسْمِ فَلِأَنَّ امْتِثَالَ الْمَأْمُورِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْمُعَيَّنِ. وَقَالَ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": الْأَمْرُ إذَا تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَقَعُ الِامْتِثَالُ إلَّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، لِأَنَّهُ قَبْلَ فِعْلِهِ لَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ بِهِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْأَمْرُ صِفَةً أَوْ لَقَبًا عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَوَقُّفِ الِامْتِثَالِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute