للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْأَمْرِ نَسْخًا أَنْ يُبَلَّغَ الْمَأْمُورُ، وَإِنَّمَا الْبَلَاغُ شَرْطُ الِامْتِثَالِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا حِينَ عَدَمِهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَاتِمٍ وَاللَّفْظُ لَهُ: يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: قَدْ نُسِخَ عَنْهُ الْأَمْرُ، وَإِذَا بَلَغَهُ لَزِمَهُ الْمَصِيرُ إلَى مُوجَبِ النَّاسِخِ لَا بِالْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ، بَلْ بِاعْتِقَادٍ لَهُ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُ أَمْرٌ، ثُمَّ نُسِخَ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يَصِيرَ إلَى مُوجَبِ النَّاسِخِ.

وَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ: مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ نَسْخًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْمَنْسُوخُ، فَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ النَّاسِخِ، كَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ حُكْمُ الْمَنْسُوخِ. اهـ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: نَسْخُ الْحُكْمِ قَبْلَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِالْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ، اتَّفَقَتْ الْأَشَاعِرَةُ عَلَى جَوَازِهِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ عَلَى مَنْعِهِ. وَحَكَى الْفُقَهَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ التَّعْرِيفِيَّةِ، فَمَنَعُوهُ فِي الْأَوَّلِ وَجَوَّزُوهُ فِي الثَّانِي، كَتَكْلِيفِ الْغَافِلِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>