للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاسِخًا وَلَا مَنْسُوخًا، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِرُّ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، وَالنَّسْخُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَحْيِ.

قَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى: وَهَذَا غَيْرُ كَافٍ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِجْمَاعِ عِنْدَنَا مُسْتَقِرَّةٌ فِي كُلِّ حَالٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ وَبَعْدَهُ. قَالَ: فَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ، أَيْ لَا يَقَعُ ذَلِكَ، لَا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ. وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الْإِجْمَاعَ نَاسِخٌ لِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ. انْتَهَى. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُنْسَخُ بِهِ فَكَمَا لَا يَكُونُ مَنْسُوخًا لَا يَكُونُ نَاسِخًا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْعَقِدُ بَعْدَ زَمَانِهِ لَمْ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْسَخَ مَا كَانَ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ فِي زَمَانِهِ، وَلِأَنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى مِثْلِ هَذَا، لِأَنَّهُ يَكُونُ إجْمَاعًا عَلَى خِلَافِهِ، وَهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ نَسَخْتُمْ خَبَرَ الْوَاحِدِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ حَدِيثُ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَالْوُضُوءُ مِنْ مَسِّهِ؟ قُلْنَا: إنَّمَا اسْتَدَلَّ بِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ نَسْخِهِ فَصَارَ مَنْسُوخًا بِغَيْرِ الْإِجْمَاعِ، لَا بِالْإِجْمَاعِ، فَصَارَ الْإِجْمَاعُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ دَلِيلًا عَلَى النَّسْخِ، لَا أَنَّهُ وَقَعَ بِهِ النَّسْخُ. قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>